الملتقى / نورة القحطاني
كُنّا أخوات جميلات بنفوس وقلوب بيضاء،
ننام في غرفة واحدة،
نتشاجر على البطانية نفسها،
ونضحك بعدها على السبب الذي لا يُذكَر.
كانت الغرفة صغيرة،
لكنها تتّسع لأحلامنا وضحكاتنا وأسرارنا الصغيرة.
إحدانا تبكي، فتواسيها الأخرى،
وإن غضبت إحدانا، تصالحها الاخرى قبل أن يهبّ المساء.
كانت أمّنا تقول وهي تنظر إلينا مبتسمة:
“اجتمعتم في بطني تسعة أشهر، فلا تفرّقكم دنيا بأكملها.”
ومضت الأيام كنسمةٍ دافئةٍ تحوّلت إلى ريح عمر،
تزوّجت الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة وهكذا…
وغادرنا تلك الغرفة الصغيرة التي كانت وطننا الأوّل.
صرنا نلتقي كل أسبوع،
لكننا نكتشف أن الغرفة لم تكن مكانًا فقط،
بل كانت قلبًا واحدًا يجمعنا.
نضحك الآن على مشاجراتنا القديمة،
ونبكي حين نتذكّر أن أمّنا لم تعد بيننا لتقول:
“هدأن يا بناتي، فأنتم قلب واحد قد انشق بالتساوي بينكن ووزع في صدوركن.”
كلٌّ منّا اليوم في بيتها،
من هن تُطعم أبناءها وتروي لهم حكاياتٍ عن “خالاتهم المجنونات” في الغرفة القديمة.
ومن هن انشغلت بحياتها الاسرية والعملية ولا نسيت حياتها في الغرفة الواحدة
لكن حين تسمح لنا الظروف و نجتمع كنا نتحدث سويًا في منتصف الليل،
نشعر أن الجدران بيننا تختفي،
وأننا عدنا — ولو للحظة — إلى تلك الغرفة التي بدأت منها كل الحكايات.
قد تفرّقنا البيوت، لكن رحم الأم لا ينسى من اجتمعن فيه،
فالأخوات روحٌ واحدة قُسمت على قلوبٍ متعدّدة