الملتقى / رياض سعود العوام
كانوا أسرةً مثالية في عيون الناس،
بيتٌ أنيق، ضحكاتٌ في الصور، وعبارات “الحمد لله” تملأ المجالس.
لكن خلف الأبواب المغلقة… كان الصمت يسكن كل زاوية.
الأب يعمل ليل نهار، يقول: “أفعل ذلك لأجلكم”،
لكنهم لم يعودوا يريدون المال، كانوا يريدون وقته.
الأم أنهكتها المسؤوليات، فبردت ملامحها،
تضحك مجاملة، وتبكي حين ينام الجميع.
الابن الأكبر انعزل خلف سماعته،
والأصغر يعيش في عالم الألعاب كأنه يهرب من واقعٍ لا يريده.
أما الابنة، فكانت تكتب في دفترها:
“بيتنا مزدحم بالأشياء… فارغ من المشاعر.”
وذات ليلة، عاد الأب متعبًا، جلس على الأريكة،
نظر إلى أسرته بصمتٍ، فشعر كأنه ينظر إلى غرباء.
تساءل في نفسه: “متى ابتعدنا؟ متى توقفنا عن الحديث؟”
فنهض، وأطفأ التلفاز، وجمعهم حوله،
قال بصوتٍ مرتجف:
“أخاف أن نستيقظ يومًا فلا نجد بعضنا…
فلنعد كما كنا، حتى لا نندم حين لا ينفع الندم.”
وفي تلك الليلة، لم يُشعلوا الأضواء،
بل أضاءت وجوههم بابتساماتٍ صادقةٍ نسيها الزمن،
كأن الحياة عادت إليهم من جديد.