الملتقى / رياض العوام
كلما ضاقت بي الدنيا، فتحت كُناشة أمي…
لم أكن أبحث فيها عن حكم، ولا عن دروس…
كنت أبحث عني… عن “ رائد الصغير” الذي كانت تحمله على ظهر قلبها، لا على ظهرها.
في أحد الهوامش كتبت:
“اليوم تأخر رائد عن البيت، ولم آكل حتى دخل… الجوع يهون، لكن الغياب لا.”
“لمّا مرض، كنت أتألم أكثر منه… تمنيت أن آخذ وجعه مكانه.”
“أنا لا أحب الورد كثيرًا، لكني كلما رأيت وردة… دعوت الله أن تكون حياته ناعمة مثلها.”
ورقة بعد ورقة…
كانت أمي تسجل ما لا يخطر لنا، وتكتب خوفها كأنها تكتب رسائل إلى الله.
في آخر الصفحة بخط متردد، كأن يدها كانت ترتجف:
“إن متُّ قبلكم، لا تبكوا كثيرًا… ادعوا لي، وتذكروني بلطف، كما كنت أحبكم بهدوء.”
حين قرأتُ تلك الجملة، بكيت لأول مرة دون خجل.
يا أمي…
ما زالت كُناشتك تفتح في الليل وحدها، كأنها تشتاق، كأنها تقرأني وأنا نائم، كأنها تدعو لي دون أن أسمع.