فوبيا

فوبيا

  • السبت 18 أكتوبر 2025
  • 08:50 AM

 

الملتقى / رياض سعود العوام 

كان ريان فتىً يعشق الخيل كما يعشق الطفل حلمه الأول، يرى في فرسه البيضاء البرق روحًا تشبهه؛ حرّة، نقية، لا تعرف القيود. كان يمشط شعرها بيديه، ويحادثها كأن بينهما لغة لا يسمعها أحد.

وفي صباحٍ مفعمٍ بالصفاء، امتطاها كعادته، فانطلقت به بخفة النسيم…
لكن القدر كان ينتظر عند عثرةٍ صغيرة، إذ فزعت الفرس واندفعت بجنون، فصرخ والده من بعيد:

“اقفز يا ريان على التلة الرملية!”

قفز، ونجا من الموت، لكن شيئًا في داخله مات.
لم يعد ذاك الفارس الذي يعانق الريح، بل صار شابًا يخاف من ظلّ الحصان الذي كان يومًا صديقه.

كل صهيلٍ كان يُعيد إليه مشهد السقوط، وصوت والده وهو يصيح، وغبار الأرض وهو يبتلع لحظةً من شجاعته.

ومع مرور الأيام، حاول أن يقترب من الخيل من جديد، بخطواتٍ حذرة، يلمسها، يطعمها، يبتسم لها… لكنه لا يمتطيها.
حتى أدرك أن الشجاعة ليست أن تُخفي خوفك،
بل أن تعترف به وتواجهه بقلبٍ ثابت.

فبعض المعارك لا تُخاض بالسيوف،
بل بهدوءٍ يشبه التصالح مع الذاكرة.
وبعض الفوبيا لا تزول بالعلاج،
بل حين نسامح لحظة السقوط التي خذلتنا يومًا.

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي