"كرامتك في قرارك: طريقك إلى ذاتك"

  • الأربعاء 02 يوليو 2025
  • 05:23 AM

 

الملتقى / شيخة سالم

 

أيقنت أن الإنسان الفاشل ليس من تعثّر في الطريق، ولا من سقط مرة أو مرات، بل هو من لم يملك يومًا القدرة على اتخاذ قرار، أو من ظلّ يتردّد في مفترق الحياة، عاجزًا عن اختيار مساره، خائفًا من أن يدفع ثمن المضيّ، ناسفًا ذاته من أجل إرضاء الآخرين.

الإرادة، في حقيقتها، ليست مجرد فكرة حالمة، بل هي سلاح داخلي صلب، به يحارب الإنسان رغباته العشوائية، ويقاوم ضعفه، ويتجاوز إغراءات الاستسلام. فالرغبة وحدها لا تصنع النجاح، بل القرار المتبوع بالعزيمة، هو الذي يصنع الفرق.

أسوأ إحساس يمكن أن يعيشه الإنسان ليس الإخفاق، بل أن يفقد احترامه لنفسه. أن ينظر في المرآة ولا يرى فيها من يستحق التقدير. أن يُنكر ذاته في صمت، ويبتسم للعالم في زيف، وهو يعلم في قرارة نفسه أنه خذلها مرارًا، وتركها على قارعة التنازلات.

فالانهيار الحقيقي لا يبدأ من الخارج، بل من الداخل. من لحظة صغيرة يُساوم فيها الإنسان على كرامته، من سكوت متكرر أمام من يُهينه، من مجاملة تسكت وجعًا، ومن علاقة تُهدره ببطء دون أن يجرؤ على إنهائها.

الناجح لا يُقاس بعدد الإنجازات، بل بقدرته على الوقوف كلما تعثر، وعلى اتخاذ القرار الصعب حين يحتدم الصراع بين الراحة والكرامة، بين رضا الناس وصدق النفس. في يده دروس، وفي قلبه إصرار، وفي عينيه عزيمة لا تنطفئ.

الحياة سلسلة من القرارات، بعضها صغير لكنه يترك أثرًا عظيمًا. فمن لا يملك قراره، قرّر ضمنًا أن يتوه، ومن لم يواجه، ارتضى أن يُساق.

 إن احترام الذات ليس ترفًا، ولا كبرياء أجوف، بل هو الأساس الذي تُبنى عليه جميع العلاقات الصحيّة. من لا يحترم ذاته، لن يحترمه أحد، ومهما بدا ناجحًا في أعين الناس، سيظل هشًّا أمام نفسه، متصدّعًا من الداخل.

الكرامة لا تُستجلب، بل تُولد في أعماق الإنسان، وتُغذّى بالمواقف، وتُصان بالثبات. وما من قرار اتخذه الإنسان دفاعًا عن كرامته، إلا وكان خطوة باتجاه ذاته الحقيقية، ولو كلّفه شيئًا من راحته أو علاقاته.

في النهاية، القرار هو بداية الطريق إلى الحرية، والكرامة هي رفيقة هذا الطريق، ومن يجمع بينهما، يمشي في الحياة مرفوع الرأس، حتى إن تعثّر جسده، لا تنحني روحه.

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي