"حين يُزهر الوعي في أعماقنا"

  • الجمعة 27 يونيو 2025
  • 10:39 AM

الملتقى / شيخة سالم

 

النضج ليس ورقة تقويم تُعلَّق على جدار العمر، بل هو إشراقة داخلية تنبثق من معرفة النفس وصدق التعامل معها..

هو أن تعي ما تشعر به ولماذا، وأن تفهم ما تختاره ولأي غاية، وأن ترى عيوبك جزءًا من إنسانيتك، لا عارًا يُخفى ولا نقصًا يُنكَر..

أن تكون ناضجًا، يعني أن تتقبل النقص فيك كمساحة للنمو، وأن ترى في التغيّر فرصة لا تهديدًا، وفي المرونة قوة لا ضعفًا..

الناضج لا يستهلك طاقته في جدلٍ عقيم لا طائل منه، ولا يهدر عمره في إثبات ذاته عند كل اختلاف، لأنه يدرك أن الهدوء أحيانًا أغلى من الانتصار، وأن السلام أعظم من الغلبة في معارك وهمية، المنتصر فيها مهزوم..

العلاقات لا تُبنى على الحاجة أو التعلّق، بل تزدهر بالاحترام المتبادل، والحوار الواعي، والقبول الحقيقي، لا بالتقليد الأعمى، ولا بالتبعية المطلقة.

التحلي بروح المسؤولية هو أن تتحمل نتائج اختياراتك، وألا تُعلّق أخطاءك على شمّاعات الآخرين.

الناضج لا يغرق في بحر العاطفة، ولا يسبح عكس تيار العقل، بل يبحر بينهما بتوازن واثق، تمضي به بوصلته نحو الحكمة..

وإذا تأملنا الوعي بعمق، أدركنا أنه لا يزهر فقط في الأعماق، بل في الأفكار، وفي المواقف، وفي السلوكيات..

الوعي هو أن تصل إلى قناعة راسخة بأن كل ما مضى من العمر لم يكن عبثًا، بل كان دروسًا تتوالى، وتجارب تنضج بها النفس، وأخطاءً تُضاء بها طرق المستقبل..

وألا تدع شيئًا يمرّ مرور الكرام دون أن تتأمله، وتستلهم منه ما يعينك على أن تكون أفضل، لا أشد قسوة، بل أصفى بصيرة..

فالوعي لا يُقاس بعدد السنوات، بل بعمق التجربة، ونقاء الفهم، وصفاء النيّة..

إنه يتجلّى في السلوك القويم، ويُلمح في الحضور الصامت الذي لا يحتاج إلى ضجيج ليُرى..

هو أن تسير في الحياة لا بهلع المُهرول بلا هدى، بل بهدوء من حدد هدفه، واهتدى إلى طريق الحق، ومضى فيه واثقًا بتوفيق الله، يسير على بصيرةٍ وإيمان.

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي