"الفراغ العاطفي.. حين يصبح القلب صحراء"

  • الجمعة 27 يونيو 2025
  • 05:11 PM

الملتقى / شيخة سالم

 

الفراغ العاطفي حالة من الشعور بالغربة...
غربة لا عن المكان، بل عن الحنان، عن الحضن الذي يفهم دون سؤال، وعن الصوت الذي يُربّت على الوجع دون أن يُقال.

غربةٌ تتسلّل إلى الروح كنسمة باردة في ليل طويل، فيشعر الإنسان وكأنه غريب حتى بين أهله، غريب في وطنه، غريب في جسده.

قد يتخلله يأس... يأس لا من الآخرين فقط، بل من جدوى الارتباط، من محاولات البوح، ومن انتظار لا يأتي.

وانطوائية... لا تعني رفض الناس، بل تعني الانسحاب إلى الداخل، إلى ركن بعيد لا تُطرق أبوابه، ولا تُسمع فيه الأصوات، سوى أنين الروح.

العامل الرئيسي في ولادة هذا الشعور هو فقد الأسرة أولًا…
حين تبهت ملامح الأم، ويتوارى حضور الأب خلف الغياب أو الانشغال، وحين تُطفأ أنوار الأخوّة في ليل الحياة..

يشعر الإنسان وكأنه يعيش على هامش الوجود.
تتحول الأيام إلى عبور صامت، وتصبح الضحكة مجهودًا، والكلمة ثقلاً، والمشاركة تكلّفًا.

الفراغ العاطفي لا يُقاس بعدد من حولك، بل بمدى شعورك بالاحتواء.. 
هو ذاك الفراغ الذي لا تملؤه الاجتماعات، ولا تعالجه المناسبات..
هو صمت يصرخ في داخلك: "أريد قلبًا يسمعني، لا أذنًا فقط."

ومع كل محاولة للتأقلم، ينبثق سؤال:
هل نحن نطلب الحب، أم نطلب الأمان؟
هل نريد من يفهمنا، أم من يحتوي هشاشتنا دون حُكم؟

لكن ما أعجب القلب…
مهما طال به التيه، يعود يبحث عن الله..
عن ذاك الحبّ الذي لا يشوبه انقطاع..
عن اليد التي لا تُخلف،
عن السكينة التي لا تهتز..

فالفراغ العاطفي، وإن كان موجعًا، قد يكون طريقًا..
طريقًا لاكتشاف الذات،
لإعادة ترتيب الأولويات،
ولفتح نوافذ الروح على ضوء لا يغيب:

نور الله… الذي إذا دخل القلب، عمره بعد وحشة،
وأروى ظمأه بعد عطش،
وأعاد إليه يقينه بأن المحبة التي تَثبُت، هي تلك التي لا تُبنى على بشر.

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي