الملتقى / عبدالرحمن بن عبدالله بن لعبون
يزخر تاريخنا العربي بنفائس الكتب والمخطوطات، وهذه الذخائر المعرفية والفكرية أسست لتاريخنا المزهر ووضعتنا في الصف الأول في مصاف الأمم، فأصبحت حضارتنا يشار إليها بالبنان، وكانت مكتباتنا عبر التأريخ عامرة تزهو بما تحتويه من أمهات الكتب، إلا أن تعاقب السنين بما حملته من ظروف قاسية، أفقدتنا الكثير من هذه الكتب، لذلك فإن الوعي يقتضي الحفاظ على ما وصلنا من ماضينا بأكف العناية وأن لا يدخر جهدا في سبيل الإبقاء على تراثنا حيا لكي يعود إليه الباحثون والدارسون وطلبة العلم وهواة المعرفة متى شاؤوا.
وهذه الكنوز المعرفية معرضة للاندثار والتواري تحت تلال النسيان أو الإهمال، ولكن الله عز وجل يبعث بين الوقت والآخر من يمد يد الوعي لانتشال هذا التراث وإيقاظه ثم مده بنسغ الحياة، وقد هيأ الله سبحانه وتعالى لهذه النوادر من يحنو عليها بدفء الحريص على شعلة الشمعة من الانطفاء في عتي رياح العصر، فكانت جهود المغفور له بإذن الله عبدالكريم سعود البابطين في جمع هذه النوادر من شتى بقاع العالم، ليضمها إلى مكتبته التي أصبحت الآن بمثابة الصدر الرؤوم لهذه الكتب وهي تسير بها في رحلة آمنة صوب مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي في الكويت، حين آثرها المرحوم عبدالكريم البابطبن على نفسه فقدم لها هذه النفائس يقينا منه بأن المعرفة تذوي إذا ظلت حبيسة الأدراج، وبأن تعميم الفائدة هو الحل الأمثل لتوسيع دائرة الضوء الثقافي لينتشر على أوسع دائرة ممكنة، وهذه النوادر شكلت منعطفا حيويا في تاريخ المعرفة البشرية بشتى محتوياتها من الأدب والشعر والعروض والفقه والتفسير والأديان السماوية والطب والنبات والفلسفة.... وغيرها من الكتب التي تنبع عظمتها من كونها ذات مضمون عميق، وبعض هذه الكتب جاء بطبعات أوروبية لكتب تراثية عربية وإسلامية، مع ترجمات لها باللغات اللاتينية والألمانية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية، وكانت بما احتوته من معلومات ودراسات وتأريخ هي الأساس الذي نهلت منه الأجيال لاحقا وفوق أساساته أشادت بنيانها ورفعت طبقاتها.