الملتقى / شوقي سالم باوزير
طوبى مرة أخرى
تحدثت في مقال سابق بعنوان طوبى لهؤلاء -بشيء من التفصيل- عن عامل يسبح الله وهو يمشي في عز الحر وفي وقت راحته يقرأ من المصحف، وعن امرأة يحبها من يعرفها من الناس لطيبها، وعن رجل تجاوز الثمانين من عمره، يختم القرآن كل ثلاث أيام، و عن أهل ذلك البيت الذي فيه الأم والأولاد يقرؤون سورة البقرة كل يوم.. وعن ذلك الرجل الذي يتصدق بصدقة ثم يقول: "اللهم هذه عن أموات المسلمين الذين لا يجدون من يتصدق عنهم".. وعن تلك المعلمة التي تتفقد طالباتها كل صباح لأن منهن يتيمات أو مَن أمها مطلقة، وتلك المرأة التي تجتمع بالخادمات وتقص عليهن من قصص الرسول صلى الله عليه وسلم وتعلمهن بعض الأذكار وتعطيهن هدايا، كل أسبوع! ... طوبى لهم..
بعدها ..أرسل إليّ صديق عزيز برسالة جميلة مفيدة؛ وحق لكل مسلم -آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يره- أن يفرح بها أحببت أن أشارككم بها:
يقول الله في القرآن الكريم .. { الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } [الرعد:29]؛ جاء عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : أن رجلا قال : يا رسول الله ، طوبى لمن رآك وآمن بك . قال : " طوبى لمن رآني وآمن بي ، ثم طوبى ، ثم طوبى ، ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني " . (صحيح ابن حبان الصفحة أو الرقم 7230). وفي رواية عند الإمام أحمد : قال له رجل : وما طوبى ؟ قال : " شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها.
قلت: نعم.. طوبى ، ثم طوبى ، ثم طوبى لمن آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ولم يره. نسأل الله أن نكون منهم. (ا.هـ رسالة الصديق مع شيء من التصرف) ثم تفكرت في هذه المنزلة العظيمة لهذا الإنسان ذكرا كان أم أنثى.. فوقعت عيني على هذا الحديث: قال التابعي الجليل المسيب بن رافع: لَقِيتُ البَرَاءَ بنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، فَقُلتُ: طُوبَى لَكَ؛ صَحِبْتَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبَايَعْتَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَقالَ: يا ابْنَ أخِي، إنَّكَ لا تَدْرِي ما أحْدَثْنَا بَعْدَهُ. (صحيح البخاري4170 ) .. نعم كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يُحاسِبونَ أنفُسَهم، ويَتَّهِمونَها بالتَّقْصيرِ، ويُشفِقونَ مِن حِسابِ اللهِ يومَ القيامةِ، فكانوا يرَوْنَ ذُنوبَهم كالجِبالِ تُوشِكُ أنْ تَقْضيَ عليهم؛ وذلك حالُ المؤمنِ. فكيف بمن يأتي بعدهم ويؤمن برسوله صلى الله عليه وسلم حق الإيمان وهو لم يره!! ألا يحظى بـ ( طوبى ثم طوبى ثم طوبى).. اللهم اجعلنا منهم.