‏رسالة إلى المتبرع بدمه

‏رسالة إلى المتبرع بدمه

  • الإثنين 23 يوليو 2025
  • 08:35 PM

الملتقى /  عفاف مصلح الحربي


‏لـ فصيلة .....… ‏أنت ... أنتِ ‏ربما أكتب لك ولا تقرأني ‏ربما أنت مشغول و لاهٍ بالحياة ‏وأنا أرسل رسالتي لمن يهمه الأمر ‏ويقرؤني غيره ، لا بأس .

‏. فهناك أناس أثقلهم المرض، وأقعدهم الوجع  ‏في الطوارئ كثير من المرضى يتألمون ‏أنين تسمعه بالجوار ...!
‏تنشغل بهم وتنسى نفسك المتألمة أيضا
‏تلهج بالدعاء أن يشفيهم الله ويخفف مابهم
‏يا الله ! ، كم مرة يعود بي شريط الذكريات
‏أريدك أن تشعر بهم .
‏جئتَ أيها المتبرع إلى المشفى ربما لإكمال عدد
‏أو : مجاملاً لصديق وقريب
‏ليس مهماً سبب حضورك، ولكنك أتيت .
‏جلست على كرسيّ العطاء
‏وضعت الممرضة أبرة بالوريد لتسحب الدم منك
‏أعلم بأن الإبرة تؤلم ولاتنظر ليدك المستسلمة؛ لأنك خائف مثلي ، أعتقد ذلك .
‏ووخزة الإبرة تجعلك تهمس : بسم الله ، وربما من غير شعور
‏وقد تكون ممن ينظرون ولا يبالون بذلك وأهنئنك .
‏وربما لا تبالي بكل التفاصيل من حولك .
‏قطرة دمك تسير في طريقها؛ لتصل لحدها الذي لا تتجاوزه .
‏ربما لا تنظر لدمك وأين مصيره بعد خروجه منك .
‏أما أنا فكنت خائفة جداً لا أنظر لكيس الدم الذي سينقل لي ولكن أراه يدخل لوريدي .
‏قطرة دم تسقط في الأنبوب ببط
‏لا تسمع لها صوتا، بل أسمع روحك تسمعه وتشاهد كل حديثه وفعله ..!
‏يا الله كم أعطيتني أملاً بعد الله بدمك !
‏أعلم أنه لم يخطر ببالك أنك أحييت روحاً .
‏لم ترَ إلا حدود انتهاء آخر قطرة منك لتخرج الأبرة وتضمد بعدها يدك .
‏وتقول خلاص ...
‏لتتخلص من كل التفاصيل التي كانت موجودة في تلك اللحظة .
‏ولكن بدأتُ أنا حيث انتهيتَ أنت
‏على كرسي العطاء لا يهم جنسك ، عمرك ، مستواك ، ثقافتك
‏لايهم هنا في بنك الدم إلا أن يكون دمك سليماً .
‏وأنت لايهمك إلا أن تكمل العدد المطلوب .
‏أو أن قريبك يحتاج لتبرع .
‏أيها المتبرع/ ة بدمك
‏دمك نعم دمك الذي يُخزن هناك
‏عندما أحتاج إليه يُقدم لي
‏ليس به معلومات عنك بل يخرج وهو يحمل اسمي
‏تحمله الممرضة وتتأكد أن هناك تطابقا بين الشريط المكتوب عليه بياناتي وكيس الدم
‏تضعه أمامي وأنا أغمض عيني عنه ..!
‏هل كان كيس الدم يريد أن نكسر الحواجز بيننا ..! ؟
‏هل كان يعلم بأن الدم سيكون جسدي موطنه .!؟
‏لحن الحزن خيم عليّ كثيرا
‏مازلت مغمضة العينين وكأني أمد يدي التي لا أقوى على تحريكها لأمسك قلبي الخائف وأقول بصوت عالٍ لا يسمعه إلا أنا : يارب يارب يارب .
‏تأتي الممرضة وتقول لي نصائحها قبل وضع الأنبوب في وريدي .
‏لا تحركي يدك مدة نقل الدم ، إن احتجتِ شيئا اضغطي الزر وسوف آتي مسرعة
‏ووضعت الأنبوب في وريدي، وكنت بالبداية خائفة من رؤية الدم. وأقول للمرضة: لا تجعليني أراه
‏كان يهمني فقط كم يستغرق من الوقت لينتهي .
‏مغمضة العينين وأسبح في خيالي تارة، وأضع يدي على قلبي تارة أخرى .
‏فكرت كثيرا في قطرة دم غريبة تدخل بدون استئذان ولا طرق باب ولا انتظار ، هل هو احتلال واجتياح أم هي طمأنينة تسكن في الروح ..!
‏ليس لديك خيار إلا الموافقة، والتوكل على الله .
‏يخيم الصمت المطبق
‏تجد نفسك في حلم تريد الاستيقاظ منه .
‏وبعد سويعات ينتهي كل شيء
‏لقد نبضت الحياة من جديد بفضل الله ثم دمك
‏هنا أيها المتبرع دعوت لك كثيرا
‏وأنت لا تعلم عني أي شيء كما أني لا أعلم عنك شيئا
‏أيها القارئ الكريم
‏قطرة من دمك تُحيي روحاً فلا تبخل بها
‏فكرسي العطاء ينتظرك ولك دعوات بالغيب
‏لا تعلمها .
‏فبادر بادر وتذكر أنك حين تحي روحا فكأنك تُحيي الناس جميعا.

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي