بلغتُ الأربعين 

بلغتُ الأربعين 

  • الثلاثاء 01 فبراير 2025
  • 06:32 AM

الملتقى  / أمل منصور المسروريه 
سلطنة عمان __ جعلان بني بو حسن 


يُقالُ لنا أنَّ منْ يصِلَ لعُمْرِ الأربعين يتَّسِمُ بالحِكْمةِ والهدوء ، أقوالٌ متواتِرةٌ من الأفواهِ وبين الكتب ، أما ما معنى أنْ يكونَ الأربعينيُّ حكيمًا! أو كيف يبلُغُ الحكمةَ! هل سيُناسبُهُ ذلِكَ مع ظروفِ الحياةِ المُزعجةِ ! أيصِلُ للحكمةِ بين عشيةٍ وضحاها بمجردِ أنْ بلغَ الأربعين ! أسئلةٌ شتَّى تحتاجُ للتفسير ، أشغلتنا الحياةُ بمراحلها الطبيعية التي يعيشها كُلُّ إنسانٍ حتى بلغنا الأربعين دونَ التَّهيؤِ النفسي أو الجسدي لذلك ، كفى يا نفسُ انشغالًا بملهياتٍ ومظاهرَ تكادُ تطمسَ الغايةَ من وجودنا ، أما آنَتْ لحظةُ تفريغِ الضوضاءِ بداخلنا ، أما حان إدراكُ الغايةِ من وجودنا بعدما تساءلنا مع إيليا أبي ماضي وهو يقول : كيفَ جئْتُ كيفَ أبصرْتُ طريقي لستُ أدري ؟ لا بُدَّ من إجابةٍ لكلِّ سؤالٍ يختلجُ دواخلنا ، وهذا لنْ يتأتَّى إلا بعد اتِّصالٍ بالطبيعةِ مُنفرِدًا وتأمُّلٍ عميقٍ لتفاصيلِها بعد الغسقِ إلى شروقِ الشمسِ ، وأنت مُستنشِقًا بعمقٍ ريحها النديِّ الدافىء الذي لا تجده إلا في تلك الساعات ،فمحرومٌ من نامَ أو اختبأ بغرفته منه ، والبعضُ ينعزلُ صامتًا عنِ الملأِ ثلاثةَ أيامٍ مُتتاليةٍ ليقتدي بنبينا زكريا عليه السلام ليشعُرَ بالسلامِ الداخلي، أتعجبُ حين تُراوِدُني أسئلةٌ تتعلَّقُ بعُمْرِ الأربعين كيف أنَّ الطبيعةَ تخدُمُكُ في الإجابةِ إن رأتْ منكَ صدق البحث ، فتُسخِّرُ لك لقاءً أو خبرًا أو حُلُمًا وربما خِلافًا عسيرًا يُفرَجُ بحلٍّ يُفسِّرُ ما نودُّ التوصُّلَ إليه ، المهم أن تُكملَ مسيرةَ البحثِ عن الذاتِ ، ونحن في هذا كله يُطبَقُ علينا صمتٌ مهيبٌ إجلالا لحوارٍ داخل عقولنا ، قد نُسألُ أحيانًا أين الحيويةَ والثرثرة والقهقهةَ ؟ فكان تفسيرُ أحدهم يُضحكني حينما يقول نزل عليه الوحي ، لِمَ لا وحبالٌ غيرُ مرئيةٍ تشدنا لمعرفةِ إبداعِ الخالق ، فتجدُ نفسك تنزوي بعيدا عن الأنام لتقنعَ الصراعَ الذي يثيره خُلدُك وربما نفسُك أو صوتٌ داخلي تزيدُ حدَّته كلما تفرغت له ، لا بأس هذه الضوضاءُ مزعجةٌ وتشتِّتُ تركيزك فتجد نفسك تائها عن الطريقِ لكنها تشتد ضراوةً لِتُشَكِّلَ منك فِكرا نيِّرًا ومحددا وواضحًا على المدى البعيد ، فهنيئًا لمنْ بلغَ الأربعين ناضجًا عقلُهُ لأنه جالَ بفكرِهِ مُتأمِّلًا عمقَ الحياةِ .....
 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي