الملتقى / شوقي بن سالم باوزير

 نكمل اليوم حديثا عن بقية الفرص العشر التي تم اختيارها على أساس أنها أهم فرص في الحياة من وجهة دراسة ميدانية محلية ، حيث تحدثنا بالأمس عن الفرص الخمس الأولى واليوم نتحدث عن الفرص الخمس الثانية وفق ترتيب نسبة أهميتها لدى أفراد العينة                                                                                                               6- فرصة وجود الفراغ والاستفادة منه :
 وهذا تحقيق لقول النبي صلى الله عليه وسلم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) (رواه البخاري 6412). ولا شك أن الفراغ فرصة عظيمة جدير بالمرء أن يستغله في المفيد من القول والعمل، سواء ما يتعلق بأمور الدنيا النافعة أو أمور الآخرة الباقية. والفراغ من الأمور الطارئة على الجادين في حياتهم وهو صفة ملازمة للبطالين، وإذا كان الإنسان فارغا اليوم فلن يكون كذلك في الغد فيحسن لذلك استغلاله بالمفيد باعتباره فرصة لا تتكرر إلا قليلا.  ومن أعظم ما يشغل به الفراغ: حفظ القرآن، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف حفظ من الدجال) (رواه مسلم 809). وكذلك فإن اغتنام الفراغ في الصغر فرصة ثمينة؛ فالصغير غالبا ما يكون أكثر تفرغا في أوقاته وأقل انشغالا من الكبير، فلا مسؤوليات يتحملها، ولا أعباء ترهق كاهله، بل غالبا ما يكون مرعّيا من قبل والديه. فهذه المرحلة العمرية تعتبر فرصة سانحة لبناء الشخصية والتزود بالعلم النافع وتعلم المفيد من المهارات والصنائع وغيرها.

7-    فرصة توفر المال والرزق: 
إنّ المال إذا توفر للمرء فإنه يعد فرصة ثمينة يمكن من خلالها استثماره الاستثمار الجيد، بحيث يعود على صاحبه بالمنفعة في الدنيا والآخرة. ويعتبر المال مصدر من مصادر الرزق؛ فكم من إنسان معدوم يتمنى القليل من المال ليتزود بالزاد لنفسه ولأهله فلا يجده أو لا يجد إلا كفافا. وكم من إنسان غني أو ثري يكون المال عليه وبالا في الدنيا وحسرة وندامة في الآخرة لسوء تصرفه فيه إسرافا أو تبذيرا أو صرفا له في غير ما أحل الله. وكم من تاجر صادق أحسن التصرف في أمواله فحفظ دنياه وتزود لآخرته. فالمال فرصة لمن أحسن استغلالها وفي الوقت نفسه نقمة لمن أساء استعماله.
8-    فرصة تطوير الذات : 
يعتبر تطوير الذات فرصة لتنمية واكتساب المهارات والسلوكات التي تجعل المرء يشعر بالرضا الداخلي، وتعينه على التركيز على أهدافه في الحياة وتحقيقها، وتعده للتعامل مع أي عائق يمنعه من ذلك. إنّ تطوير الذات مهمة مستمرة لا تتوقف عند عمر معين. إن العناية بالنفس وتطويرها مطلب للناس الجادين في حياتهم والراغبين في حياة مليئة بالإنجاز وهم يقتنصون أدنى فرصة في هذا المجال فيستغلونها تطويرا لذواتهم، وتجويدا لأدائهم، ورقيا بأنفسهم في مجالات الحياة. 

9-    فرصة الحياة :
 فيمكن من خلالها بناء وعمارة الأرض والتزود للآخرة في آن واحد، قال الله تعالى: (وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا) (القصص77). فالحياة لن تتكرر مرة أخرى على وجه هذه الأرض، فهي بهذا المعنى تعتبر فرصة. وإذا كانت كذلك وهي كذلك فجدير بالمرء العاقل أن ينتهزها وأن يستغلها أعظم استغلال. ومن جهة أخرى فهي قصيرة سريعة الانقضاء يقول صلى الله عليه وسلم: ( ما لي وللدنيا ما أنا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها) رواه الترمذي 2378. وقال (ما الدنيا إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع) رواه مسلم.
10-    جاءت ثلاث فرص في هذا المستوى وهي : فرصة الوظيفة – وفرصة الصحبة الصالحة- فرصة مرحلة الشباب ( كلها فرص بدرجة واحدة).

(أ‌)    فرصة الوظيفة 
إن حصول المرء على وظيفة عمل في الحياة يعتبر فرصة عظيمة، يستطيع الاستفادة منها واستثمارها ليعيش حياة كريمة، فيعفّ نفسه من ذل السؤال أو التسول على موائد الآخرين أعطوه أو منعوه. إن العمل بحد ذاته نعمة عظيمة وشرف للمرء يحصل من خلاله على قوته وقوت عياله. كما إن تحسين وتجويد العمل ضرورة كبيرة لاستمرار فيه والارتقاء من مستوى إلى آخر. ومن جهة أخرى، فإن الإخلال في واجبات ومسؤوليات العمل خيانة لرب العمل وتفريط فيه، فكم من إنسان لا عمل له ينتظر فرصة قبوله في عمل ما، فكيف إذا كانت الفرصة متحققة الآن فما عليه إلا استغلالها. وإذا كان صاحب العمل ذا مكانة وظيفية فإن هذه فرصة تؤهله لاستغلال هذه الوظيفة فيكون مغلاقا للشر مفتاحا للخير من خلال وظيفته.

(ب‌)     فرصة الصحبة الصالحة :
إنّ توفر الصحبة الصالحة للمرء فرصة ثمينة للتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

(ج)  فرصة الشباب: 
إنّ مرحلة الشباب فرصة يجدر  بالمرء أن ينتهزها قبل أن يأتي عليه زمان يضعف فيه ويهرم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمسا قبل خمس .. وذكر منها شبابك قبل هرمك).