الفرص في الحياة (9 من 40)

الفرص في الحياة (9 من 40)

  • الثلاثاء 01 سبتمبر 2025
  • 09:59 AM

 

الملتقى / شوقي بن سالم باوزير

 

إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها * فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة ٍ سُكُوْنُ
ولا تغفلْ عنِ الإحْسانِ فيها * فلا تدري السُّكونُ متى يكونُ
(البيتان من أبيات الحكمة المشهورة والمختلف في نسبتها لصاحبها؛  فقد نسبا للإمام الشافعي رحمه الله في ديوانه المنسوب إليه (77). وعزاهما صاحب "غرز الخصائص" (303) لأبي الفرج ابن هند. وفي "محاضرات الأدباء" (1/221) دون عزو).

 الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في انتهاز الفرص :
كثيرة هي الفرص التي وقعت في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بل لا يكاد يخلو موقف من حياته صلى الله عليه وسلم إلا وفيه إشارة إلى فرصة تم اغتنامها, أو فرصة دعا لاغتنامها, أو فرصة حذَّر من فواتها، في مجالات مختلفة.

 كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينتهز فرصة موسم الحج لتبليغ رسالة ربه؛ حيث كان يقوم  بدعوة القبائل ويعرض نفسه عليهم، ويقول: "ألا رجل يحملني إلى قومه؛ فإنَّ قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي" صححه الألباني في "الصحيحة" (1947).

وكان صلى الله عليه وسلم ينتهز فرصة اجتماع زعماء قريش في منتدياتهم فيدعوهم للإسلام, كما انتهز الرسول صلى الله عليه وسلم فرصة عيادته للغلام اليهودي وهو مريض فدعاه للإسلام, فأسلم وقال صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي أنقذه الله من النار" البخاري, كتاب الجنائز, باب إذا أسلم الصبي هل يصلى عليه, وهل يعرض على الصبي الإسلام. (1356).

 وكان صلى الله عليه وسلم يعتبر الصلاة فرصةً سانحة للراحة من عناء الدنيا، فكان إذا دخلت الصلاة  يقول: "أقم الصلاة يا بلال أرحنا بها" صححه الألباني في " المشكاة", (1235).

وكان صلى الله عليه وسلم ينتهز الفرص لتعليم الناس وتربيتهم من خلال الأحداث والوقائع التي يعيشونها؛ فمن ذلك:
(1)    الرسول صلى الله عليه وسلم والفتى 
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ, وَقَالُوا: مَهْ مَهْ. فَقَالَ: " ادْنُهْ"، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا ". قَالَ: فَجَلَسَ, قَالَ: " أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟ " قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ ". قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟ " قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ ". قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟ " قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ ". قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ " قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ ". قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ " قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ ". قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ, وَقَالَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ, وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ " قَالَ : فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ". أخرجه أحمد وصححه الألباني في" الصحيحة" (370).
(2)    يوم حنين (فرصة لتعليم المسلمين حقيقة النصر):

وفيه اغتر المسلمون  بكثرتهم ؛ فقد كانوا اثني عشر ألفًا وكان عدوهم أربعة آلاف, فقال رجل منهم: لن نغلب اليوم من قلة, فبين الله لهم أن النصر بيده ومِن عنده, وأنه ليس بكثرة العدد ولا شدة البطش, وأنه ينصر القليلَ على الكثير إذا شاء؛ قال الله تعالى :{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)} التوبة: 25-26.

(3)    حادثة الإفك ( فرصة لبيان خطر النفاق والمنافقين):
تلك الحادثة التي زلزلت مجتمع المدينة , وابتلي فيها النبي صلى الله عليه وسلم في عرضه من قِبل المنافقين ومَن تابع قولهم في أحبِّ الناس إليه صلى الله عليه وسلم : عائشة رضي الله عنها, حتى أنزل الله عز وجل براءتها قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة فاضحًا فيه أمر المنافقين ورأسهم عبد الله بن سلول؛ قال الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12) لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (20)} النور: 11-20.

إلى اللقاء في فرصة قادمة إن شاء الله
للتواصل BAWAZEER8269@GMAIL.COM

 

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي