الملتقى / شوقي بن سالم باوزير
الأربعون .. الأربعون .. الأربعون
الهدية وما أدراك ما الهدية..
سنة نبوية جميلة قال صلى الله عليه وسلم كما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ( تهادوا تحابوا)
بل ( كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ ويُثِيبُ عَلَيْهَا (. و أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يَقْبَلُ الهديةَ ويأكُلُها
لكنه صلى الله عليه وسلم لك يكن يقبل الصدقة (كانَ رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آله وسلَّمَ - يقبَلُ الهديَّةَ ولا يَقبَلُ الصَّدقةَ) وكان صلى الله عليه وسلم يتحرى ويسأل (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أُتِيَ بالشَّيءِ سألَ: أَهَديَّةٌ هوَ أم صَدقةٌ ؟ فإن قالوا: هديَّةٌ، بسطَ يدَهُ، وإن قالوا صَدقةٌ، قالَ لأصحابِهِ: كُلوا)
بل كان صلى الله عليه وسلم يقبل أدنى الهدايا : قال صلى الله عليه وسلم : (لَوْ دُعِيتُ إلى ذِراعٍ أوْ كُراعٍ لَأَجَبْتُ، ولو أُهْدِيَ إلَيَّ ذِراعٌ أوْ كُراعٌ لَقَبِلْتُ). (البخاري)
بل أكثر من ذلك فبين صلى الله عليه وسلم أنواعا من الهدايا لا ترد قال صلى الله عليه وسلم ثلاثٌ لا تُرَدُّ) : الوسائدُ والدهنُ واللبنُ) ( فتح الباري)
وفي قصة ابن اللتبية تشريع عظيم في عدم قبول هدايا العمال ( أو الموظفين لرئيسهم أو نحوهم من الطلاب لمعلميهم ، أو كل من له مصلحة عند الآخر) : روى أبو حميد الساعدي أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ علَى صَدَقاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَلَمَّا جاءَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وحاسَبَهُ، قالَ: هذا الذي لَكُمْ، وهذِه هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَهَلَّا جَلَسْتَ في بَيْتِ أبِيكَ وبَيْتِ أُمِّكَ حتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إنْ كُنْتَ صادِقًا! ثُمَّ قامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَخَطَبَ النَّاسَ وحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنِّي أسْتَعْمِلُ رِجالًا مِنكُم علَى أُمُورٍ ممَّا ولَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتي أحَدُكُمْ فيَقولُ: هذا لَكُمْ، وهذِه هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَهَلَّا جَلَسَ في بَيْتِ أبِيهِ وبَيْتِ أُمِّهِ حتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إنْ كانَ صادِقًا! فَواللَّهِ لا يَأْخُذُ أحَدُكُمْ مِنْها شيئًا -قالَ هِشامٌ: بغيْرِ حَقِّهِ- إلَّا جاءَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَومَ القِيامَةِ، ألَا فَلَأَعْرِفَنَّ ما جاءَ اللَّهَ رَجُلٌ ببَعِيرٍ له رُغاءٌ ، أوْ ببَقَرَةٍ لها خُوارٌ، أوْ شاةٍ تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى رَأَيْتُ بَياضَ إبْطَيْهِ: ألَا هلْ بَلَّغْتُ؟ ( البخاري)
وهذه قصة حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم : كان بعضُ العرَبِ يَمتازُ بعضُهم عن بَعضٍ بالكرَمِ والسَّخاءِ، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَقبَلُ مِنهم هَداياهم له ويُكافِئُهم عليها بأفضلَ مِنها وبما يَستطيعُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كما يقولُ أبو هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه في هذا الحَديثِ: "أَهْدى رَجُلٌ مِن بَني فَزارةَ"، وفي رِوايةٍ: "أنَّ أعرابيًّا أهدى"، "إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ناقةً مِن إبِلِه الَّتي كانوا أصابوا"، أي: حصَلوا عليها، "بالغابةِ"، والغابةُ: مَوضعٌ قَريبٌ مِن المدينةِ ناحيةَ الشَّمالِ، وصُنِع مِن شجَرِه مِنبَرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فعوَّضه مِنها بَعضَ العِوَضِ". وفي رِوايةٍ: "فعَوَّضه مِنها سِتَّ بَكَراتٍ"، وفي رِواياتٍ بأكثرَ مِن ذلك، "فتسَخَّطها"، أي: لم يُعجِبْه ما أعطاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم واستَقلَّه؛ وذلك أنَّ الرَّجُلَ كان طمَعُه في الجزاءِ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بأكثَرَ مِن ذلك؛ لِمَا سَمِع عن جُودِه وكرَمِه، "فسَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على المنبَرِ"، أي: يَخطُبُ في النَّاسِ، "يقولُ: إنَّ رِجالًا مِن العرَبِ يُهْدي أحَدُهم الهديَّةَ"، أي: يُعطيني هَديَّةً، "فأُعوِّضُه منها"، أي: مِن تلك الهديَّةِ، "بقَدْرِ ما عِندي"، أي: بقَدْرِ ما أستطيعُ وممَّا هو متوفِّرٌ عِندي، "ثمَّ يتَسخَّطُه"، أي: يَستقِلُّه ويُغضِبُه، ولا يُعجِبُه القدرُ الَّذي يُعوَّضُ به؛ "فيظَلَّ يَتسَخَّطُ فيه علَيَّ"، أي: ويَبْقى على غَضَبِه هذا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "وايمُ اللهِ"، أي: يُقْسِمُ باللهِ عزَّ وجلَّ، "لا أقبَلُ بعدَ مَقامي هذا مِن رجُلٍ مِن العرَبِ هديَّةً، إلَّا مِن قُرَشيٍّ"، وفي روايةٍ: "مهاجِرًا قُرشيًّا"، "أو أنصاريٍّ أو ثقَفيٍّ أو دَوسيٍّ"، أي: إلَّا مِن قومٍ في طَبائعِهم الكرَمُ لا يَقصِدون ويطمَعون بهداياهم أن يُعوَّضوا بمِثلِها أو بأفضلَ منها، ودَوْسُ: عَشيرةٌ مِن عَشائرِ الأزدِ مِن أهلِ اليمنِ، ومِنهم أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه. ( موقع الدرر السنية – الموسوعة الحديثية)
وأمر صلى الله عليه وسلم الآباء بأن يعدلوا في هداياهم مع جميع أولادهم
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي ببَعْضِ مَالِهِ، فَقالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أَرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَانْطَلَقَ أَبِي إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِيُشْهِدَهُ علَى صَدَقَتِي، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَفَعَلْتَ هذا بوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قالَ: لَا، قالَ: اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا في أَوْلَادِكُمْ، فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلكَ الصَّدَقَةَ. ( رواه مسلم)
وأما كتاب الأربعون الشريفية في الهبة والهدية مع بيان شيء من فقهها لمؤلفه توفيق بن
فقد جمع فيه جمعا لطيفا في موضوعنا (الهبة والهدية) حيث قدم بتعريف للهدية والهبة فقال:
الهبة لغة من هبوب الريح أي مروره، وهي العطية الخالية عن الأعواض والأغراض
واصطلاحاً: هي تمليك من غير عوض
وأما تعريف الهدية في اللغة فهي تمليك المرء ماله لغيره بلا عوض تلطفا
وفي اصطلاح الفقهاء جرى الفقهاء على ذكر الهدية في كتاب الهبة؛ لأنها نوع منها، وعرَّفوها بأنها: تمليك من غير عوض، إلا أنهم قالوا: إن كان هذا التمليك يقصد به وجه الله تعالى عبادة محضة من غير قصد في شخص معين ولا طلب غرض من جهته فهذا صدقة، وإن كان المقصود من الهبة الإكرام والتودد أو الصلة أوالتأليف أو المكافأة أو طلب حاجة ونحو ذلك فهو هدية. قال ابن قدامة الهبة والصدقة والهدية، والعطية، معانيها متقاربة ... فمن أعطى شيئًا ينوي به إلى الله تعالى للمحتاج، فهو صدقة. ومن دفع إلى إنسان شيئا للتقرب إليه، والمحبة له، فهو هدية
ولمزيد من الفائدة نطلعكم موضوعات الكتاب :
1. تعريف الهبة والهدية..
2. الهدية سبب للمحبة.
3. قبول الهدية والمكافئة ..عليها..
4. قبول اليسير من الهدية.
5. وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة.
6. تحريم الرجوع في الهبة المقبوضة.
7. جواز رجوع الأب في هبته لولده.
8. أطيب ما أكله الإنسان من كسب يده...
9. جواز هبة المجهول..
10. جواز هبة المشاع ....
11. قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أنت ومالك لأبيك ...
12. ترغيب الجيران على التهادي فيما بينهم..
13. تقديم العطاء للأقرب فالأقرب من الجيران...
14. النهي عن رد الهدية..
15. ما لا يرد من الهدية..
16. من لم يستطع المكافأة للمهدي فليدع له...
17. ذم المن بالعطاء.......
18. تحريم قبول الهدية في مقابل الشفاعة...
19. وجوب العدل بين الزوجات لمن كان معددا في الهدية والهبة
20. والمبيت.
21. جواز قبول الهدية من الكافر..........
22. حكم الهدية إن كانت حراماً من وجه دون آخر ... 00
23. جواز اهداء الهدية لغير ..........
24. جواز الهدية للمشركين....
25. رد هدية المشرك إذا اقتضت المصلحة لذلك..
26. من أهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق بها..
27. مشروعية قبول هبة السلطان.
28. إهداء المسائل والفوائد العلمية.
29. استحباب الهدية لآل بيت النبي صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ..
30. جواز قبول الهدية من النساء.
31. إهداء المفضول للفاضل.
32. الحث على الهدية ولو بالقليل..
33. هدية الوالد لابنته.