وعند جهينة الخبر اليقين

وعند جهينة الخبر اليقين

  • الثلاثاء 01 أغسطس 2025
  • 04:04 PM

 

الملتقى / عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون

 

خرج الأخنس بن كعب هاربا بعد أن أحدث في قومه حدثاً، فلقيه الحصين بن عمرو الكلابي، فقال له: من أنت؟ ثكلتك أمك. 
فقال له الأخنس: بل من أنت ثكلتك أمك، 
فردد هذا القول حتى قال الأخنس: أنا الأخنس بن كعب، فأخبرني من أنت وإلا أنفذت قلبك بهذا السنان. 
فقال له الحصين: أنا الحصين بن عمرو الكلابي. 
فقال له الأخنس: فما الذي تريد؟ 
قال: خرجت لما يخرج له الفتيان. 
قال الأخنس: وأنا خرجت لمثل ذلك. 
فقال له الحصين: هل لك أن نتعاقد ألا نلقى أحداً من عشيرتك أو عشيرتي إلا سلبناه؟ 
قال: نعم. 
فتعاقدا على ذلك؛ وكلاهما فاتك يحذر صاحبه. 
فلقيا رجلا فسلباه، فقال لهما: هل لكما أن تردا عليّ بعض ما أخذتما مني وأدلكما على مغنم؟ 
قالا: نعم. 
فقال: هذا رجل من لخم، قد قدم من عند بعض الملوك بمغنم كثير، وهو خلفي في موضع كذا وكذا. 
فردا عليه بعض ماله، وطلبا اللخمي، فوجداه نازلا في ظل شجرة وقدامه طعام وشراب، فحيياه وحياهما، وعرض عليهما الطعام، فكره كل واحد أن ينزل قبل صاحبه فيفتك به، فنزلا جميعاً، وأكلا وشربا مع اللخمي. 
ثم إن الأخنس ذهب لبعض شأنه، فرجع واللخمي يتشحط في دمه. فقال الجهني، وهو الأخنس، وسلّ سيفه لأن سيف صاحبه كان مسلولا: ويحك! فتكت برجل قد تحرمنا بطعامه وشرابه، 
فقال: اقعد يا أخا جهينة؛ لهذا وشبهه خرجنا. 
فشربا ساعة وتحدثا. 
ثم إن الحصين قال: يا أخا جهينة؛ أتدري ما صعلة وصعل ؟ 
قال الجهني: هذا يوم شرب وأكل؛ فسكت الحصين حتى إذا ظن أن الجهني قد نسي ما يراد به قال: يا أخا جهينة؛ هل أنت للطير زاجر. 
قال: ما ذاك؟ 
قال: ما تقول هذه العقاب الكاسر؟ 
قال الجهني: وأين تراها؟ 
قال: هي ذه، 
وتطاول ورفع رأسه إلى السماء، فوضع الجهني بادرة السيف في نحره، فقال: أنا الزاجر والناحر. 
واحتوى على متاعه ومتاع اللخمي، وانصرف راجعا إلى قومه. 
فمر ببطنين من قيس يقال لهما: مراح وأنمار، فإذا هو بامرأة تنشد الحصين، فقال لها: من أنت؟ 
قالت: أنا صخرة أخت الحصين، 
قال: أنا قتلته. 
قالت: كذبت. ما مثلك يقتل مثله، أما والله لو لم يكن الحي خلواً ما تكلمت بهذا. 
فانصرف إلى قومه فأصلح أمرهم، ثم جاءهم، فوقف حيث يُسمعهم وقال: 
وكم من ضيغم ورد  هموس     أبي شبلين مسكنه العرين
علوت بياض مفرقه  بعضب    فأضحى في الفلاة له سكون
وأضحت عرسه ولها عليه        بعيد هدوء ليتها رنين
وكم من فارس لا تزدريه        إذا شخصت لموقعه العيون
كصخرة إذ تسائل في مراح           وأنمار وعلمهما ظنون
تسائل عن حصين كل ركب.        وعند جهينة الخبر اليقين
فمن يك سائلا عنه فعندي.        لصاحبة البيان المستبين
جهينة معشري وهمو ملوك            إذا طلبوا المعالي لم يهونوا
الورد: الأسد، ولونه بين الكميت والأشقر، والهموس: السيار بالليل

 

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي