الزائدة (24)الأربعون وما أدراك ما الأربعون .. بحر من الأربعين

الزائدة (24)الأربعون وما أدراك ما الأربعون .. بحر من الأربعين

  • الثلاثاء 01 أغسطس 2025
  • 12:47 PM

 

الملتقى / شوقي بن سالم باوزير


أربعون يوما (توقيت نبوي) حد أقصى لأربع من خصال الفطرة
 خصال الفطرة عشر كما أخبر ربها النبي صلى الله عليه وسلم حيث روت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه قال : ( عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وإعْفاءُ اللِّحْيَةِ، والسِّواكُ، واسْتِنْشاقُ الماءِ، وقَصُّ الأظْفارِ، وغَسْلُ البَراجِمِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وحَلْقُ العانَةِ ، وانْتِقاصُ الماءِ. قالَ زَكَرِيّا: قالَ مُصْعَبٌ: ونَسِيتُ العاشِرَةَ إلَّا أنْ تَكُونَ المَضْمَضَةَ. زادَ قُتَيْبَةُ، قالَ وكِيعٌ: انْتِقاصُ الماءِ: يَعْنِي الاسْتِنْجاءَ .) (صحيح مسلم( 261 
والفِطرَةُ هيَ أصلُ الخِلقَةِ الَّتي يكونُ عليها كلُّ مَولودٍ، والمُرادُ بها: السُّنَّةُ وأصلُ الإسلامِ- وهي عَشرُ خِصالٍ:
    الخصلة الأُولى: «قَصُّ الشَّارِبِ»، وهو الشَّعرُ النابِتُ على الشَّفةِ العُليا، والمُرادُ تَهذيبُ شَعرِ الشَّارِبِ، والأخذُ مِنه ما يَزيدُ على شَفَةِ الفَمِ العُليا، فيُقَصُّ حتى يَبدوَ طَرَفُ الشَّفةِ. وقد ورَدَت رِواياتٌ أُخرى فيها الأمرُ بحَفِّه وجَزِّه كذلك، والمَعنى واحِدٌ، ومنها: حَديثُ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما في الصَّحيحَينِ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «خالِفوا المُشرِكينَ؛ وَفِّرُوا اللِّحَى، وأحفُوا الشَّوارِبَ».

    الخصلة الثَّانيةُ: «إعْفاءُ اللِّحْيةِ»، أي: إرسالُها وتَوفيرُها، ويكونُ بتَركِ الشَّعرِ النَّابتِ على الذَّقَنِ والخدَّينِ وعدَمِ الأخذِ منه.
    الخصلة الثَّالثةُ: «السُّواكُ»، وهو عُودٌ يُقطَعُ من جُذورِ شَجرةِ الأراكِ، ويُستَخدَمُ في تَنظيفِ الفَمِ والأسنانِ، ويُطيِّبُ الفَمَ، ويُزيلُ الرَّوائحَ الكَريهةَ.
    الخصلة الرَّابِعةُ: «اسْتِنشاقُ الماءِ»، وهو إدخالُ الماءِ في الأنفِ، ثُمَّ نَثرُه مرَّةً أُخرى؛ ليَخرُجَ ما فيه من أذًى وقَذَرٍ.

    الخصلة الخامسةُ: قَصُّ ما طال من أظفارِ اليَدِ والقدَمِ، وتَقليمُها، وعدَمُ تَركِها طَويلةً تَركًا يَتَجاوَزُ به أربَعينَ ليلةً، كما عند مُسلِمٍ من حَديثِ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ لأنَّها مَظِنَّةُ الأوساخِ والضَّررِ.
    الخصلة السَّادسةُ: «غَسْلُ البَراجِمِ»، أي: مَفاصِلِ الأصابِعِ وعُقَدِها، ويكونُ غَسلُها بتَنظيفِ الأوساخِ التي تَجتمِعُ فيها.
    الخصلة السَّابعةُ: «نَتْفُ الإِبْطِ»، أي: إزالةُ ونَزعُ الشَّعرِ النَّابِتِ تحتَ الإبطِ، والأفضَلُ فيه النَّتفُ لمَن قَويَ عليه، ويَحصُلُ أصلُ السُّنَّةِ بإزالتِه بأيِّ وَسيلةٍ كانت، كالحَلقِ وغَيرِه.
    الخصلة الثامنةُ: «حَلْقُ العَانةِ»، وهو إزالةُ الشَّعرِ الَّذي على الفَرجِ والعَورةِ.
    الخصلة التاسعةُ: «انْتِقاصُ الماءِ»، وهو التَّطهُّرُ بالماءِ بعدَ قَضاءِ الحاجَةِ، كما فَسَّره وَكيعٌ في آخِرِ الحَديثِ بأنَّه الِاستِنجاءُ، أو هو رَشُّ الماءِ على الفَرجِ بعد الوُضوءِ ليَنفيَ عنه الوَسواسَ.
    الخصلة العاشرة: المضمضة : قال زَكريَّا -وهو ابنُ أبي زائدةَ-: قال مُصعَبٌ -وهو ابنُ شَيبةَ-: ونَسيتُ العاشِرةَ، إلَّا أن تَكونَ المَضمَضةَ، وهي إدارةُ الماءِ في الفَمِ ثُمَّ مَجُّه وإخراجُه منها؛ فيَغسِلُ الفَمَ بالماءِ كلَّما استَلزَمَ الأمرُ ذلِك، وخاصَّةً بعدَ الطَّعامِ وأكلِ ما له رائحةٌ.

وجاء في الصَّحيحَينِ من حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّه ذكَرَ من سُننِ الفِطرةِ (الخِتانَ)، وهو قَطعُ القُلفةِ التي تُغطِّي الحَشَفةَ من ذَكَرِ الرجُلِ، وقَطعُ بَعضِ الجِلدةِ التي في أعلى الفَرجِ من المَرأةِ التي كالنَّواةِ أو كعُرفِ الدِّيكِ.

وقد وقّت النبي صلى الله عليه وسلم لأربع من خصال الفطرة (قَصِّ الشَّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإبِطِ، وحَلْقِ العانَةِ ) أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة والمراد يوما. جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:  وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشَّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإبِطِ، وحَلْقِ العانَةِ ، أنْ لا نَتْرُكَ أكْثَرَ مِن أرْبَعِينَ لَيْلَةً)صحيح مسلم258 .

لقد جمَعَت شَريعةُ الإسلامِ من كلِّ شَيءٍ أحسَنَه، وهي مُوافِقةٌ في تَشريعاتِها كُلِّها للفِطرةِ النَّقيَّةِ الطَّاهِرةِ مِن كُلِّ خُبثٍ، ومِن ذلك سُننُ الفِطرةِ التي تَعتَني بنَظافةِ الإنسانِ باطِنًا وظاهِرًا.

وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -كما في روايةِ أبي داودَ والنَّسائيِّ- حَدَّدَ لأصحابِه رَضيَ اللهُ عنهم -وللمُسلِمينَ عامَّةً- مُدَّةً زَمنيَّةً في أربعةِ أشياءَ ألَّا يَزيدَ تَركُها عن أربعينَ يومًا؛  وفي فِعلِ هذه الخِصالِ والالْتِزامِ بها تَنظيفٌ للجَسَدِ، وحِفظٌ له مِنَ التَّقذُّرِ والتَّدنُّسِ، مع الحِفاظِ على جَمالِ المَظهَرِ الخارِجيِّ؛ فيَجمَعُ المُسلِمُ بينَ النَّظافةِ والطَّهارةِ الدَّاخِليةِ والخارِجيَّةِ. (وهذه الأمور تتعلق بالرجال والنساء جميعًا).

ولا شكَّ أنَّ هذه الخِصالَ يَتعلَّقُ بها أُمورٌ دينيَّةٌ ودُنيويَّةٌ، مِثلُ تَحسينِ الهيئةِ، وتَنظيفِ البَدَنِ جُملةً وتَفصيلًا، والاحتياطِ للطَّهارةِ، وحُسنِ مُخالَطَةِ النَّاسِ بكَفِّ ما يَتأذَّى بريحِه عَنهم، ومُخالَفةِ شأنِ الكُفَّارِ من المَجوسِ واليَهودِ والنَّصارى. ( موسوعة الأحاديث -الدرر السنية بتصرف)
و متى زاد الزمان على الأربعين يوما كثرت الأوساخ، وربما حصل تحت الظفر ما يمنع وصول الماء إليه. ثم إنها تعدم الزينة التي خصت بالأظفار والشارب( كما قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى)
ويبقى لهذه الأربعين قصة بل قصص كثيرات.
للتواصل bawazeer8269@gmail.com

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي