الملتقى / شوقي بن سالم باوزير
أربعون يوما تحصل بعدها على براءة من النار و براءة من النفاق
قال لي صديقي: كنا في المسجد ذات يوم فأقيمت صلاة العشاء، وكبر الإمام وكبرنا، وفجأة بعد لحظات سمع من في المسجد جلبة قوية ، كانت صوت أحدهم يدخل المسجد بطريقة مربكة، وكأنه يريد ألا يفوته شيء ما! وبعد انتهاء الصلاة تحدث الإمام عن السنة في إتيان الصلاة بهدوء وسكينة إذا أقيمت الصلاة، وهنا قام صاحبنا معتذرا لجماعة المسجد وقال: اعذروني يا جماعة الخير ، كنت مواظبا أربعين يوما أدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام وهذا هو اليوم الأربعون، وهذه هي الصلاة الأخيرة فيها، فخشيت أن تفوتني ويفوتني أجر الحصول على البراءتين من النفاق والنار!!
نعم ( مَن صلَّى للَّهِ أربعينَ يومًا في جماعةٍ يدرِكُ التَّكبيرةَ الأولَى كُتِبَ لَه براءتانِ : براءةٌ منَ النَّارِ، وبراءةٌ منَ النِّفاقِ) قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه (صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم : 241 الألباني )
والآن دعونا نقف وقفات مع هذا الحديث :
حَثَّ الشَّرْعُ ورَغَّبَ في المُحافَظةِ على الصَّلاةِ في المَسجِدِ، وحُضورِ الجَماعاتِ؛ لتَحْصيلِ الأجْرِ والثَّوابِ الكَبيرِ على ذلك. وفي هذا الحديثِ:
في هذا الحديث بَيانٌ لِعَظيمِ أجْرِ مَن واظَبَ على صَلَواتُ الفَريضَةِ الخَمْسُ في المَسْجِدِ مُدْرِكًا تَكْبيرةَ الإحْرامِ، مُدَّةَ "أرْبَعينَ يَومًا في جَماعَةٍ"
جزاء من فعل ذلك أنْ "كُتِبَتْ له" عندَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ "بَراءَتانِ":
الأُولى: "بَراءةٌ مِن النَّارِ"، أي: خلاصٌ له مِن النَّارِ ونجاةٌ منها
الثَّانيةُ: "بَراءةٌ مِن النِّفاقِ"، أي: خلاصٌ له مِن صِفاتِ المُنافِقينَ، ويُوَفِّقُه اللهُ لِأنْ يَكونَ مُخْلِصًا،
وفي الحديثِ: فَضيلَةُ المُحافَظةِ على الصَّلَواتِ في جَماعَةٍ، وإدْراكِ تَكْبيرةِ الإحْرامِ فيها.
وفي الحديث: إشارةٌ إلى تَخْليصِ الأعْمالِ، وإخْلاصِ النِّيَّةِ لرَبِّ العالَمينَ.
وفي الحديث: بَيانُ سُوءِ النِّفاقِ، والتَّنفيرُ منه، والإيماءُ إلى وُجوبِ الفِرارِ منه؛ إذْ إنَّه قُرِنَ بالنَّارِ. ( موسوعة الأحاديث -الدرر السنية)
نسأل الله أن يجعلنا من المواظبين على أداء الصلوات في المسجد، بل أن نكون من المبكرين إليها، المسارعين فيها، قال ربنا: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم}[الحديد:21].
لقد حرص السلف الصالح على المبادرة إلى الصلاة؛ فهذا سعيد بن المسيب يقول: "ما أذَّن المؤذِّن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد". والمسارعة إلى الصلاة لا تعني المجيء إليها مبكرا فقط!! بل تعني الاستعداد لها مبكرا ؛ قال وكيع بن الجراح: "من لم يأخذ أهبة الصلاة قبل وقتها، لم يكن قد وقَّرَها، ومَن تهاون بالتكبيرة الأولى، فاغسل يدك منه".
فماذا نقول عن يومنا هذا؟ كم سيغسل يده منا!!!
التأخر عن الصلاة أمرٌ جدُّ خطير ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ"؛ (رواه مسلم). قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وعلى هذا فيخشى على الإنسان إذا عوّد نفسه التأخر في العبادة أن يبتلى بأن يؤخره الله عز وجل في جميع مواطن الخير.
نسأل الله السلامة
ماذا بعد لديكم عن الأربعين؟
للتواصل bawazeer8269@gmail.com