ومازالت الأربعون تتحدث الزائدة (19)

ومازالت الأربعون تتحدث الزائدة (19)

  • الثلاثاء 01 أغسطس 2025
  • 04:02 PM

 

الملتقى / شوقي بن سالم باوزير


مرحلة الأربعينات الثلاث في بطن الأم (120 يوما= أربعة أشهر)
خلق الإنسان عجب عجاب لو يتفكر فيه الإنسان.. 
كيف لا وقد خلق الله أبونا آدم من طين؛ قال الله : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون}[الحجر:28]
ثم أمر الله الملائكة للسجود لآدم فقال: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِين}[الحجر:29] {فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُون}[الحجر:30] {إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِين}[الحجر:31] {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِين}[الحجر:32]
{قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون}[الحجر:33]
ثم خلق الله أمنا حواء من ضلع آدم عليه السلام ، ثم عاشا فترة في الجنة حتى أغواهما الشيطان فأكلا من الشجرة الممنوعة، فأهبطهما الله إلى الأرض. ومن هناك بدأت الحياة البشرية تنمو وتزدهر، وبدأ التناسل بينهم إلى يوم القيامة.

وتقوم الأنثى بحمل جنينها في بطنها حتى تضعه، ويمر الجنين بثلاث مراحل : النطفة، ثم المضغة، ثم العلقة (بداية التشكل) ،وكل مرحلة منها تستغرق أربعين يوما، أي ( 120 يوما = أربعة أشهر) كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. فعن عبدالله بن مسعود  رضي الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- قالَ: إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ، فإنَّ الرَّجُلَ مِنكُم لَيَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ الجَنَّةِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ النَّارِ، ويَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ النَّارِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ. (صحيح البخاري3208، أخرجه مسلم (2643) باختلاف يسير)
كَتَبَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ أقدارَ الخَلائِقِ في اللَّوحِ المَحفوظِ، وهي واقِعةٌ وَفْقَ ما قَضَى اللهُ عَزَّ وجَلَّ وقَدَّرَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الجَنينَ في بَطنِ أُمِّه يَمُرُّ في تَكوينِه بأربَعةِ أطوارٍ؛ 
الطَّوْرِ الأوَّلِ لِمُدَّةِ أربَعينَ يَومًا يكون حَيَوانًا مَنَويًّا يَجتَمِعُ ببُوَيْضةِ الأُنثى، فيُلَقِّحُها، وتَحمِلُ المَرأةُ بإذْنِ اللهِ تَعالى،
الطَّوْرِ الثَّاني لِمُدَّةِ أربَعينَ يَومًا  يتحول إلى قِطعةِ دَمٍ جامِدةٍ تَعْلَقُ بالرَّحِمِ،
 الطَّوْرِ الثَّالِثِ لِمُدَّةِ أربَعينَ يَومًا يتحول إلى قِطعةِ لَحمٍ صَغيرةٍ بقَدْرِ ما يَمضُغُ الإنسانُ في الفَمِ، 
ثمَّ يَبدَأُ تَشكيلُه وتَصويرُه، ويَكونُ قد أكمَلَ أربَعةَ أشهُرٍ، فيُرسِلُ اللهُ إليه المَلَكَ المُوَكَّلَ بالأرحامِ؛ فيَكتُبُ أعمالَه التي يَفعَلُها طِيلَةَ حَياتِه خَيرًا أو شَرًّا، ورِزقَه وأجَلَه، ويَكتُبُ خاتِمَتَه ومَصيرَه الذي يَنتَهي إليه إنْ كانَ مِن أهلِ الشَّقاوةِ أو مِن أهلِ السَّعادةِ، وتَقَعُ الأعمالُ وَفْقَ ما كُتِبَ؛ فإنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجنَّةِ، حتَّى ما يَكونُ بيْنه وبيْنَ الجَنَّةِ إلَّا ذِراعٌ -وهو غَايةُ القُرْبِ- فيَسْبِقُ عليه كِتابُه، بأنْ يَكونَ قد كُتِبَ عليه سابِقًا في بَطنِ أُمِّه أنَّه شَقيٌّ؛ فيُختَمُ له بالشَّقاوةِ، فيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ فيَدخُلُها كما سبَقَ به القَدَرُ، وفي الجِهةِ الأُخْرى قد يَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ، حتَّى يَقتَرِبَ منها اقتِرابًا شَديدًا، بألَّا يَكونَ بيْنَه وبيْنَها إلَّا ذِراعٌ، فيَسبِقُ عليه ما كُتِبَ سَلَفًا في كِتابِه بأنَّه مِن أهلِ الجَنَّةِ، فيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجَنَّةِ، فيَدخُلُها.

وهذه الصُّورةُ المذكورةُ في الحديثِ يُفسِّرُها حَديثُ سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِديِّ رَضيَ اللهُ عنه في الصَّحيحينِ: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أهلِ الجَنَّةِ فيما يَبْدو لِلنَّاسِ وهو مِن أهلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أهلِ النَّارِ فيما يَبْدو لِلنَّاسِ وهو مِن أهلِ الجَنَّةِ»؛ فما يظهرُ للنَّاس غير ما يُقدِرُه الله له ويختم له به.

في الحَديثِ من الفوائد الكثير منها :
الإيمانُ بالقَدَرِ، سَواءٌ تَعلَّقَ بالأعمالِ أو بالأرزاقِ والآجالِ.
عَدَمُ الاغتِرارِ بصُوَرِ الأعمالِ؛ لِأنَّ الأعمالَ بالخَواتيمِ.
 أنَّ الأعمالَ مِنَ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ أمَاراتٌ لا مُوجِباتٌ، وأنَّ مَصيرَ الأمْرِ في العاقِبةِ إلى ما سَبَقَ به القَضاءُ وجَرَى به التَّقديرُ.
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم}[يس:78] {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيم}[يس:79] {الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُون}[يس:80] {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيم}[يس:81] {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون}[يس:82] {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون}[يس:83].
للتواصل عن الأربعين : bawazeer8269@gmail.com

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي