الملتقى / شوقي سالم باوزير
مازال حديثنا مستمرا عن الأربعين، وما أدراك ما الأربعون
هذه أربع وأربعون خصلة من الادب و البر بالوالدين ، أسميناها أربعون خصلة ؛ على نهج الإمام النووي حينما سمى كتابه الأربعون وهو يضم قرابة خمسة وأربعون حديثا.. نسأل الله أن يعين كل ولد (ذكر او انثى) عليها مع والديه..
لقد أمر الله بتوحيده وعدم الإشراك به وبالإحسان إلى الوالدين فهما السبب بعد الله في وجودك أيها الإنسان.. فمقامُهما كبير وحقوقُهما على الأبناء والبنات أعظم أحياءً وميتين.. قال الله تعالى :{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا}[الإسراء:23] وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (ألا أحدِّثُكم بأَكبرِ الكبائرِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللَّهِ، قال: الإشراكُ باللَّهِ، وعقوقُ الوالدينِ).
من تلك الآداب والحقوق:
1- من البر والأدب بالوالدين بهما التعاملُ معهما بإحسان وعدم عقوقِهما.. كقول (أف) لهما أو نهرهما: قال الله: (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما).
2- من البر والأدب بالوالدين بهما القول الكريم لهما : ( وقل لهما قولا كريما).. عن طَيْسَلة بن ميَّاس قال: قال لي ابن عمر: أتفرَقُ من النار، وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: إي والله، قال: أحيٌّ والداك؟ قلت: عندي أمي، قال: فو الله، لو ألَنْتَ لها الكلام وأطعمتَها الطعام، لتدخُلَنَّ الجنة ما اجتنبتَ الكبائر. رواه البخاري
3- ومن البر والأدب مع الوالدين المسارعة إلى خدمتهما قبل أن يطلبا ذلك
4- من البر والأدب بالوالدين ملازمتهما عند الحاجة؛ خاصة عند المرض أو الوحدة.
5- من البر والأدب بالوالدين عدم لومُهما فيما قد يصدر منهما،
6- من البر والأدب بالوالدين والأدب بالوالدين عدم تخطئتهما أو انتقادهما
7- من البر والأدب بالوالدين والأدب بالوالدين عدم مجادلتهما أو إنكارُ شيء عليهما ، ولكن يوضّح لهما الصوابُ بلطف ولين وحسن أدب..
8- من البر والأدب بالوالدين تَقبُّلُ رأيهما بصدر رحب..
9- من البر والأدب بالوالدين عدم تذكيرِهما بالمواقف المؤلمة من الماضي..
10- من البر والأدب بالوالدين عدمُ إظهارِ التعب والتضجر أمامهما بأي أسلوب كقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله).
11- من البر والأدب بالوالدين عدم الغضب منهما والعُبوس في وجههما .
12- من البر والأدب بالوالدين عدم التقليلُ من شأنهما خاصة أمام الآخرين ولو في غيابهما كقول أحدهم: الشايب يسلم عليك. بل المدح والإشادة الدائمة بهما أمامهما ومن ورائهما.
13- من البر والأدب بالوالدين طاعتُهما في كل أمر من ليل أو نهار؛ في غير معصية الخالق (فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)
14- من البر والأدب بالوالدين النظر إليهما بتذلل، وعدم التحديق في وجههما (البحلقة).
15- من البر والأدب بالوالدين المبادرة إلى مشاركتِهما الأخبارَ المفرحة: نجاح، ترقية، مولود، عودة من السفر.
16- ومن البر والأدب بالوالدين شكر الوالدين قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ (لقمان: 14).
17- من البر والأدب بالوالدين الثناءُ على أصدقائهما ومن يحبون
18- من البر والأدب بالوالدين التذكيرُ الدائم بإنجازاتهما أمامهما وأمام الآخرين .
19- من البر والأدب بالوالدين إظهارُ السيادة والمكانة لهما في حضورهما ...
20- من البر والأدب بالوالدين خفضُ الصوت بحضرتهما بل عدم رفعه عليهما.
21- من البر والأدب بالوالدين عدم الضحك عند صدور خطأ منهما.
22- من البر والأدب بالوالدين الدعاءُ لهما خاصة بحضرتهما: بطول العمر على الطاعة وبالعافية. ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24]. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم
23- من البر والأدب بالوالدين عدم الأكل على السفرة قبلَهما ( بعض الأولاد إذا تأخر الأب أو الأم والطعام على السفرة بدؤوا يأكلون)..
24- من البر والأدب بالوالدين ألا تسبق يدُك إلى لقمةٍ خشية أن يكون أبوك أو أمك نظرا إليها..
25- من الأدب تجنبُ الأحاديثَ الجانبية أثناء الجلوس معهما وأعظم من ذلك التناجي بحضرتهما.
26- من البر والأدب بالوالدين الجلوس باحترام ووقار معهما.
27- من البر والأدب بالوالدين عدم مدّ الرجلِ أمامهما أو إعطائهما الظهر .
28- من البر والأدب بالوالدين عدم الانشغال بالجوال أمامهما.
29- من البر والأدب بالوالدين عدم مقاطعتهما، لأنّ ذلك استهانةً بهما. بل الإنصاتُ باهتمام إلى حديثهما وهذا أدب عام مع كل الناس ومع الوالدين من باب أولى.
30- من الأدب انتقاءُ الألفاظ الحسنة في الحديث معهما .
31- من البر والأدب بالوالدين عدم مناداتِهما بالاسم المجرد، بل مناداتُهما بأحسن الأسماء والألقاب : يا أبي، يا أمي، يا والدي العزيز، يا تاج رأسي ..
32- ومن الأدب عدم المشي أمامهما أو الخروج أو الدخول أو ركوب السيارة قبلهما . عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه رأى رجلينِ، فقال لأحدهما: ما هذا منك؟ قال: أبي، فقال: لا تُسمِّه باسمه، ولا تمشِ أمامه، ولا تجلِس قبله) صححه الألباني
33- من البر والأدب بالوالدين الاستئذان عند الدخول عليهما خصوصا وقتَ نومِهما وراحتِهما
34- من البر والأدب بالوالدين الاستئذانُ منهما للسفر (حينما قيل للإمام أحمد لما لم تسافر للقيا العالم الفلاني قال: استأذنت أمي فلم تأذن لي) : هذا يريد السفر لطلب العلم!! كيف؟
35- من الأدب عدم الإلحاح عليهما بالطلبات فقد لا يستطيع الوالد تحقيق الطلب فيقع في حرج وضيق شديدين.
36- من الأدب ضبط تصرفات الأحفاد بحضرتهما وعدم إزعاجهما وإن أظهرا أنهما لا يباليان بإزعاجهم.
37- من البر والأدب بالوالدين عدم معاقبة الأحفاد أمامهما فإن لهم منزلة في قلبيهما.
38- من البر والأدب بالوالدين المسارعة إلى خدمتهما قبل أن يطلبا ذلك .
39- من البر والأدب بالوالدين ملازمتهما عند الحاجة، خاصة عند المرض أو الوحدة.
40- من البر والأدب بالوالدين المداومة على زيارتهما والتواصل معهما؛ خاصة إذا كان الولد بعيدا عنهما ( أعرف رجلا هنا في المملكة وأمه في الهند؛ لا ينام حتى يكلمها ويطمئن عليها يوميا) .. من الأولاد (بنين أو بنات) من يراسل أصدقاءه يوميا كثيرا برسائل ود ومحبة ودعاء ولم يفكر أن يرسل دعاء أو سلاما إلى والديه!! مع أن هذه الرسائل تفعل الشيء العجيب في قلبهما. ومنهم من يزور والديه يوم الجمعة ثم ينقطع عنهما لا زيارة ولا اتصال ولا سؤال حتى الجمعة التالية وهذا ليس من البر والأدب بالوالدين التام.
41- من البر والأدب بالوالدين بعد موتهما الصدقة لهما: عن عائشة رضي الله عنها أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنّ أمي افتُلِتت نفسُها، وأظنُّها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجرٌ إن تصدقتُ عنها؟ قال: (نعم) رواه البخاري ومسلم
42- ومن البر والأدب بالوالدين زيارةُ قبريهما بعد موتهما: روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: (استأذنتُ ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور؛ فإنها تُذكِّر الموت) رواه مسلم
43- ومن البر والأدب بالوالدين الدعاءُ لهما والاستغفارُ لهما بعد موتهما . ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24].
44- ومن البر والأدب بالوالدين صلةُ أهل وُدهما : حدّث ابنُ عمر رضي الله عنهما أنَّ رَجُلًا مِنَ الأعْرَابِ لَقِيَهُ بطَرِيقِ مَكَّةَ، فَسَلَّمَ عليه عبدُ اللهِ، وَحَمَلَهُ علَى حِمَارٍ كانَ يَرْكَبُهُ. وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً، كَانَتْ علَى رَأْسِهِ فَقالَ ابنُ دِينَارٍ: فَقُلْنَا له: أَصْلَحَكَ اللَّهُ إنَّهُمُ الأعْرَابُ وإنَّهُمْ يَرْضَوْنَ باليَسِيرِ، فَقالَ عبدُ اللهِ: إنَّ أَبَا هذا كانَ وُدًّا لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: إنَّ أَبَرَّ البر والأدب بالوالدين صِلَةُ الوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ صحيح مسلم.
أعاننا الله وإياكم على البر بوالدينا أحياء وميتين.
للتواصل bawazeer8269@gmail.com