الملتقى / شوقي سالم باوزير
(الـــأربعون) في حياة الرسل والأنبياء(1-4)
قلت سابقا : "لا يمكن أن نسبغ على العدد ( أربعين) بعدًا دينيا بأي حال من الأحوال .. ولكن العدد ( أربعين) يشكل ظاهرة ما؛ الله أعلم بمراده منها" .
نكمل رحلتنا مع الأربعين فنتجول هذه المرة في حياة الأنبياء والمرسلين :
ظهر العدد (40) مرات كثيرة في حياة الرسل والأنبياء بدءًا بأبينا آدم عليه السلام وانتهاء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
لقد قص علينا القرآن الكريم قصة إبراهيم ويونس عليهما السلام مع أقوامهما ، وكذلك قص علينا النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا من ذلك في سنته ، وليس هناك كتاب على وجه الأرض فيه قصص الأنبياء السابقين ، ويوثق بما فيه ، ويجزم بصحته إلا القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما عدا ذلك فلا يوثق بما فيه .
وقد امتدت أيدي التحريف إلى الكتب التي أنزلت على الأمم قبلنا فلم تعد مصدر ثقة، ولا يعتمد على ما فيها من الأخبار والتاريخ إلا ما كان موافقا للوحي من القرآن والسنة.
ليس هناك سبيل لتحديد هذه المدة ، على وجه القطع ، إلا من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة . وحيث إنه لم يرد فيهما شيء عن تحديد هذه المدة، فالواجب في مثل هذا هو التوقف ، ونفوض علم ذلك إلى الله تعالى ، ونجزم أنه لو كان لنا خير (في دنيانا أو أخرانا) في معرفة هذه المدة لذكرها الله تعالى لنا ، فإذ لم يذكرها القرآن ولا السنة النبوية فلا فائدة لنا في معرفتها ، ويقال في هذا وأمثاله : "علم لا ينفع ، وجهل لا يضر".
قال الإمام الطبري رحمه الله ، بعدما ساق الخلاف في مبلغ الثمن الذي بيع به يوسف عليه السلام: " والصواب من القول في ذلك أن يقال: "إن الله تعالى ذِكْره أخبر أنهم باعُوه بدراهم معدودة غير موزونة ، ولم يحدَّ مبلغَ ذلك بوزن ولا عدد ، ولا وضع عليه دلالة في كتاب ولا خبر من الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد يحتمل أن يكون عشرين ، ويحتمل أن يكون اثنين وعشرين ، أو أن يكون 40 ، وأقل من ذلك وأكثر ، وأيُّ ذلك كان ، فإنها كانت معدودة غير موزونة ؛ وليس في العلم بمبلغ وزن ذلك فائدة تقع في دين ، ولا في الجهل به دخول ضرّ فيه . والإيمان بظاهر التنزيل فرضٌ ، وما عَداه فموضوعٌ عنا تكلُّفُ علمه ." انتهى، من "تفسير الطبري" (15/16) .
والآن ماذا عن أبينا آدم عليه السلام:
ورد من تفسير ابن عباس رضي الله عنهما أنّ آدم خلق من طين، فأقام 40 سنة، ثم من حمأ مسنون 40 سنة، ثم من صلصال 40 سنة، فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة. وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: ولد لآدم 40 ولدا: عشرون غلاما، وعشرون جارية.
و أعطى آدم 40 عاما من عمره لداود عليه السلام؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "لما خلق الله آدم مسح ظهره ، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ، أمثال الذر ، ثم جعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ، ثم عرضهم على آدم ، فقال آدم : من هؤلاء يا رب ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى آدم رجلا منهم أعجبه وبيص ما بين عينيه فقال : يا رب من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود يكون في آخر الأمم قال آدم : كم جعلت له من العمر ؟ قال : ستين سنة . قال : يا رب زده من عمري 40 سنة ، حتى يكون عمره مائة سنة . فقال الله عز وجل : " إذن يكتب ويختم فلا يبدل " . فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت لقبض روحه قال آدم أولم يبق من عمري 40 سنة ؟ قال له ملك الموت : أولم تجعلها لابنك داود ؟ قال فجحد ، فجحدت ذريته ، ونسي ونسيت ذريته ، وخطئ فخطئت ذريته . هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .
وللحديث بقية إن شاء الله ...
ماذا لديك عن سر الأربعين؟ للتواصل: BAWAZEER8269@GMAIL.COM