أطـفـالنا في المسجد  1/2

أطـفـالنا في المسجد  1/2

  • الإثنين 29 أغسطس 2024
  • 12:19 PM

 

 

الملتقى / عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون

 

الكل يرغب أن يكون المسجد هو الواحة والراحة للطفل الطاهر والنقي، والقيمة الجاذبة له، لا أن يكون مكانا مملا له، وتترسب في نفسه عدم الرغبة فيه، فتحدث بعد ذلك الويلات، ولا يغيب عن بالنا مطلقا أن المرح وحب اللعب أمران ثابتان في نفوس الصغار، فمن أغفلهما في تعامله مع الصغار فقد أوقع نفسه في خطأ كبير، وفي علم التربية يكون هذا الباب مدخلا جيدا في وضع البرامج المفيدة والمسلية للصغار، مما يدفعهم إلى الإقبال عليها، والتمتع بها، وتحقيق الأهداف المرجوة من خلالها. 


من المهم أن نستعين بكل وسيلة من شأنها أن تشوق الطفل إلى المسجد، ونحذر من أساليب التنفير منه، فما ضير تلف أو توسخ أو عطب شيء بسيط في المسجد يمكن تلافيه أو إصلاحه، مع أن هذا قليل الحدوث ولا يكوّن ظاهرة، في مقابل طرد وتعنيف شديد للولد يجعله لا يعود هو ولا أبوه للمسجد أبدا، مع تنامي تطلعات الشر في نفسه فيكون وبالا على نفسه وأهله ومجتمعه، وما حادثة معالجة بول الأعرابي ببعيدة. 


وكم هو جميل حين ترى بعد خروجك من المسجد عددا من الأولاد قد اجتمعوا بعد الصلاة يتجاذبون أطراف الحديث ويتمازحون، وترى الصغار يجري بعضهم خلف بعض، ويلعبون ويمرحون، وقد وجدوا بعد الخروج من الصلاة فرصة متكررة للقاء أصحابهم، في صورة تآلف اجتماعي تقوي الترابط بينهم، فيكون ذلك من أكبر الدوافع لهم للحضور إلى المسجد، والصلاة في وقتها، ومع الجماعة، ولاحظ الفرق بين التقاء هؤلاء الصبيان الطيبين، وبين أولئك المنزوين وقد ضاع وقتهم بين تدخين، وتجوال في الطرقات، وداخل الأسواق والمجمعات.


إنها مسألة سلوك، وتتكرر في المسجد الواحد الشكوى من تصرفات الأطفال، وعند السؤال لماذا هذا التكرار، الإجابة المعتادة أن أهليهم لم يبذلوا الجهد اللازم لتأديبهم وتربيتهم، ولنفرض جدلا صحة ذلك فإن أهليهم لا يشعرون بمعاناة أهل المسجد، لذلك فالأمر لا يعنيهم كثيرا لأنهم غير متضررين منه، وكذلك لجهلهم بما يحدث من أبنائهم، ونحن في هذه الحالة نبتعد عن سؤال مهم ونغض الطرف عنه، وهو ماذا فعلنا نحن من إمام ومؤذن وجماعة مسجد من أجل القضاء على هذه المشاكل، وتحويل الطاقات المزعجة إلى انطلاقات إيجابية هادفة وفاعلة، وماذا يجب علينا نحن كجماعة مسجد ومصلين أن نعمل من أجل أن نقرّب بين هؤلاء الصغار والمسجد، حتى تكون بينهم الألفة التي تشيع في قلوبهم الطمأنينة والسكينة، فيحيون حياة إيمانية طيبة تنعكس آثارها على ذواتهم، وأهليهم ومجتمعاتهم، فيكونون اللبنات الصالحة والقدوات الحسنة لأقرانهم، أشهر، بل وقد تكون سنوات، من التبرم والتذمر يمكن حلها بإذن الله بإجراءات بسيطة قد تكون لمدة قصيرة فقط، كأسبوع مثلا، ثم ينهمر السيل من الارتياح والنجاح.

 

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي