هل اللغة العربية في خطر؟

هل اللغة العربية في خطر؟

  • الخميس 28 أكتوبر 2024
  • 03:33 PM

 

 

محمد حسين آل هويدي


‏‏‏الجمعة‏، 18‏ ربيع الأول‏، 1444هـ؛ الموافق ‏14‏ تشرين الأول (أكتوبر)‏، 2022م.

 

بسم الله الرحمن الرحيم: ... «11» وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ وَهَٰذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ «12» ... صدق الله العلي العظيم – الأحقاف.

رجوعا للقرآن الكريم، اللغة العربية لسان وليست رسما معينا. ويعتمد اللسان على النطق. وأصعب ما في اللغة العربية للأعجمي نطق حروفها التي لم يتعود عليها صغيرا. فعندنا حروف صعبة نطق، حتى لأطفالنا، بل قد يستمر البعض منا عاجزا عن نطقها، ومن هذه الحروف ح، خ، ض، ط، ظ، ع، غ، ق. وتسمع عند بعض المتحدثين باللغة العربية صعوبة نطق حرفي ث و ذ. رسوم الأحرف العربية أتت لاحقا، أي أن اللغة تأسست قبل الرسم، وهذا عكس اللغة الإنجليزية، التي استعارت الحروف اللاتينية.

 

نلاحظ أن أطفالنا الحاليين يرفضون التحدث باللغة العربية لعدة أسباب:

1.    أنهم وعوا واللغة الإنجليزية متاحة في كل مكان، خصوصا لأولئك الأطفال الذين ولدوا في الغرب. نحن تعلمنا اللغة العربية في صغرنا لعدم وجود بدائل أخرى أبسط.
2.    غزو اللغة الإنجليزية في التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها اليوتيوب.
3.    غزارة المصطلحات الإنجليزية، خصوصا للأشياء المستحدثة، مثل التليفون والتلفزيون والكمبيوتر ومصطلحاته المستحدثة والفيسبوك والواتساب ...الخ.
4.    صعوبة نطق اللغة العربية.
5.    صعوبة قراءة اللغة العربية لأنها تعتمد على شبك الحروف.
6.    صعوبة كتابة اللغة العربية، لأنها أيضا تعتمد على شبك الحروف.
7.    حينما يذهب الطفل للمدرسة، فإنه يتعلم لغة ثانية غير تلك التي يستخدمها في البيت. مؤسف أن لهجاتنا ولكناتنا طغت على حساب اللغة الفصحى.
8.    ضعف أصحاب اللغة العربية في لغتهم؛ الضعف في النطق (اللحن في الكلام)، الضعف في القراءة، والكتابة، والإملاء، والنحو، والصرف.

 

علينا أن نجد حلولا كيلا تتقاعد لغتنا العربية كما حدث للغة اللاتينية التي أصبحت لغة الكنيسة فقط. وقبل كل شيء، علينا أن نعترف بوجود خطر محدق يحوم حول اللغة العربية، أما إذا كابرنا، فإن أجيالنا القادمة ستخسر لغتنا الجميلة. هل توجد هناك حلول؟ توجد بعض الحلول، وإن لم تكن ناجعة، ومنها:


•    تَبَنِّي الحروف اللاتينية، والامتناع عن شبك الحروف. ولا إشكال في ذلك إطلاقا لأن اللغة لسان وليست رسما. هناك صعوبة قراءة الكلمات بالحروف المشبوكة، مما جعل الغربيون يتخلون عن الكتابات المشبوكة للحروف اللاتينية، خصوصا مع وجود لوحات مفاتيح الحواسب للكتابة.


•    الاضطرار للكتابة من الشمال لليمين، كما هو الأكثر شياعا عالميا، تماما كما تخلت بريطانيا عن استخدام نظاميها الوزني والقياسي إلى الكيلوغرام (بدلا من الرطل) والمتر (بدلا من القدم). البريطانيون أقوياء وواثقون من أنفسهم، ولم يجدوا حرجا من تبني النظام الفرنسي للأوزان والقياسات.


•    استخدام الأرقام العربية التي ابتكرها محمد بن موسى الخوارزمي (التي يستخدمها الغرب حاليا وتبنتها معظم لغات العالم). رسوم الأرقام التي نستخدمها اليوم ليست عربية، ولكنها هندية. ولذلك، علينا الرجوع للرسوم التي اخترعها الخوارزمي، وأصبحت المعيار العالمي للأرقام.


•    تعلم الآباء اللغة العربية بصورة صحيحة. فاقد الشيء لا يعطيه. ومن يكن ضعيفا في لغته، لن يستطيع أن يخدم أولاده فيها. علينا التخلص من تثقيل الحروف الذي تسرب إلينا بسبب تداخلنا مع الأعاجم، ولذلك تجد هذا التثقيل على سواحل الخليج العربي والعراق.
•    التمسك بالتشكيل للحروف، بدلا من استخدام حروف العلة اللاتينية عوضا عنها.


•    تبني مشروع اللغة العربية من قبل الجميع والإكثار من عرض أفلام شائقة للأطفال على شبكات التواصل. للأسف، أكثر الموجود باللغة العربية حاليا عبارة عن لهجات دارجة، ولكنات يعتريها اللحن الفج، وكثير من السباب (مثلا، تشبيه الناس بالحيوانات)، وهذا غير لائق إطلاقا، وغير مقبول البتة.


•    زيادة وعي الفرد المتحدث باللغة العربية لاستخدام الألفاظ المناسبة للأطفال.


•    تعليم الأطفال مخارج الحروف السليمة منذ الصغر، وبصورة محترفة جدا. طالما تعلم الطفل إخراج الحروف بصورة سليمة، فلا خوف عليه حينما يكبر وذلك لأن صعوبة اللغة العربية نطقها، أكثر من أي شيء آخر. بعيدا عن الحفظ، تعلم قراءة القرآن السليمة في الصغر قد يكون أفضل حل بحيث يشرف على هذا التعليم خبراء في قراءة القرآن.


•    تكثيف القراءة والكتابة بدلا من التركيز على القواعد والإعراب. لنجعل اللغة سليقة بدلا من قواعد ميكانيكية. لم يعرف القدماء النحو والصرف، ولكنهم تحدثوا اللغة بسليقتهم، والسليقة أفضل بكثير من التكلف في النحو والصرف.

نرجو منكم التفاعل مع هذه القضية لأهميتها.

 

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي