اليوم العالمي للصحة النفسية *

اليوم العالمي للصحة النفسية *

  • الخميس 28 أكتوبر 2024
  • 09:01 AM

 

 

مقال بقلم الكاتبة / أفنان السيف

 

بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، والذي يقام سنوياً في العاشر من شهر أكتوبر، سنتحدث عن جودة الحياة النفسية.

فالمجتمعات اليوم تمر بمرحلة سريعة التغيير في جميع مجالات الحياة وعلى كافة الاصعدة، تولَّد عنها الشعور بالتوجس، وحالة من الارتباك وعدم الاستقرار في النواحي: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ولقد تبيَّن أن مواجهة هذه التحديات التي يعرفها العصر، وتحقيق مستويات عالية من الجودة الإنتاجية -كمًّا وكيفاً- تقتضي جودة الأداء الإنساني، لابد أن يلزمها وحتى أن يسبقها بناء الإنسان، بمعنى جودة الإنسان من داخله والتي تنعكس على إنتاجيته وأدائه، والذي يمتلك القدرات والمهارات والإمكانات ستمكِّنه عبر ممارستها من التعامل مع التقدم المعرفي، والتقني المتسارع، والنجاح في مواجهة أعباء ومتطلبات الحياة اليومية التي تتسم بالتعقيد المتزايد، بحيث يتم تحويل كل ما لدى الفرد من معلومات، واتجاهات، وقِيَم، ومعتقدات، إلى سلوكيات تحقِّق فاعليته وشعوره بالرضا، والتوافق، والنجاح في الحياة، في إطار مايُطلق عليه "جودة الحياة النفسية".

 

فلو عرَّفنا مصطلح (جودة الحياة)، فالجودة أصلها من الفعل الثلاثي "جود"، والجيد نقيض الرديء، وجاد بالشيء جودة، وجودة أي: صار جيداً، وبهذا يرتبط مفهوم الجودة بالتميز (excellence)، والاتساق (consistency) والحصول على محكات (criteria) ومستويات (standars) محددة مسبقاً،


وجودة الحياة تعني: استمتاع الفرد بحياته، وشعوره بالسعادة والتفاؤل، والتمتع بالصحة الجسمية، والنفسية الإيجابية، ورضاه عن حياته في جوانبها المختلفة.

 

وعلى الرغم من أن مفهوم الجودة أُطْلِقَ أساساً على الجانب المادي والتكنولوجي، لكن يمكن استخدامه للدلالة على بناء الإنسان ووظيفته ووجدانه، فالمتتبِّع للدراسات النفسية الحديثة يلاحظ اهتماماً ملحوظاً بمفهوم الجودة بشكل عام، وجودة الحياة لدى الفرد بشكل خاص، إذ زاد اهتمام الباحثين بمفهوم جودة الحياة منذ بداية النصف الثاني للقرن العشرين، كمفهوم مرتبط بعلم النفس الإيجابي.

 

ولا شك أن لجودة الحياة بشكل عام دور في رفع جودة الحياة النفسية، والرفع من مستوى الصحة النفسية للفرد والأسرة، فهي لا تقتصر على تذليل الصعاب، والتصدي للعقبات والأمور السلبية فقط، بل تتعدى ذلك إلى تنمية النواحي الإيجابية، وتحسين جودة الحياة للفرد والأسرة، من خلال اتباع سلوكيات وأنماط في الحياة تتسم بالايجابية، كالعادات الغذائية الصحية، والرياضية، والمساندة الاجتماعية، وبرامج للتدخل وتنمية الصحة النفسية، والتي تتضمن تقدير الذات والتفاؤل والرضا عن الحياة.

 

ووفقاً لاتباع المنهج الوقائي توصَّل عالم النفس(  Martin elias pete seligman ) إلى أن تعليم الأطفال في العاشرة من العمر مهارات التفكير والسلوك المتفائل، يخفِّض من معدل الاكتئاب إلى النصف عندما يصلون إلى سن البلوغ، وهناك أفكار حول الوقاية، فالتقدم الذي يمكن أن يحدث لمنع المرض النفسي يأتي من إدراك وتنمية منظومة من القدرات، والكفاءات، والفضائل في الشباب، كالشجاعة، والرؤية المستقبلية، والتدفق، والإيمان، وأخلاق العمل، وتحمل الضغوطات، والتكيُّف مع حالات التوتر العادية، والعمل بشكل مُنتج ومفيد، أما في مجال العلاج فتندرج بعض الجوانب على درجة عالية من الأهمية يتعين على المعالجين تنميتها وتحقيقها، كالمهارات الاجتماعية، والاستبصار، والعقلانية، والتفاؤل، والواقعية، والصلابة النفسية؛ مما يساهم في جودة الحياة النفسية، والاستقرار النفسي، والأسري.


ومفهوم الصحه النفسيه  يعد من اسمى مقاصد الاسلام بل هي من صلب الإيمان بالله العلي العظيم وتتحقق الصحة النفسية بالايمان بالله تعالى لما له  تأثيرا عظيما في نفس المؤمن، فهو ينمي ثقته بنفسه ويدعمها، ويزيد قدرته على الصبر، وتحمل مشاق الحياة ويبث الأمن والطمأنينة في النفس، ويجدد الهدوء وراحة البال، ويغمر الإنسان بالشعور بالسعادة، قال تعالى:" الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ" الأنعام الآية(82).

 

أخيراً، لنجعل الصحة النفسية، والرفاهية التي يشعر فيها الفرد بالرضى، والقناعة عن حياته، هي الأولوية في كل شيء.

 

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي