الملتقى / شوقي بن سالم باوزير
اليوم نتحدث عن الجزء الثاني من الاستعداد للفرص:
"إن الرياح المعاكسة لا تثني القراصنة عن الإبحار عندما تتاح أمامهم الفرصة للسرقة والنهب". (سوفوكليس)
ويقول (جولي أندروز) :
"أحيانا تمر الفرص من أمام أنفك، اعمل بجد واثبت نفسك وكن دوما مستعدا لالتقاط أية فرصة."
هل يمكن الاستعداد للفرصة ؟
(ب) في الجانب الدنيوي :
كما أنّ الفرص التي يمكن الاستعداد والتهيؤ لها في الجانب الدنيوي كثيرة كذلك، يقول (فرانسيس بيكون ): "الرجل العاقل هو الذي يهيء لنفسه الفرصة حتى ولو لم تعرض له. " و(تقول هيلين رولاند): "الحماقات التي يندم عليها المرء في حياته أشد الندم، هي تلك الحماقات التي لم يرتكبها عندما أتيحت له الفرصة ".
والفرص التي يمكن الاستعداد لها كثيرة منها: فرصة استثمار الإجازات بمختلف أنواعها القصيرة والطويلة، فرصة زيارة عالم أو مسؤول أو خبير أو طبيب متخصص للبلد التي تعيش بها ..، فرصة افتتاح معرض محلي أو دولي في مجال ما (حيث تجتمع تحت سقف واحد جهات متنوعة من أماكن مختلفة ...)، وفرصة المواسم التجارية بأنواعها (بيعا أو شراء)، ونحو ذلك. ويعتبر تحيّن الفرص دليلا على اليقظة والاهتمام والمتابعة لشأن معين. وهذا التحين صفة في المرء تتطلب منه دوام التفكير وحمل الهمّ لهذا الشأن.
والتاريخ مليء بالأحداث والمواقف التي تبرز مثل هذا التحين والترصد للفرص، ومن الشواهد على ذلك : ( انظر الموسوعة التاريخية – موقع الدرر السنية)
1- خالد بن الوليد يتحين فرصة نزول الرماة عن الجبل:
في العام الثالث الهجري (625م) لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب من جبل أحد وجعل الرماة على جبل الرماة وأوصاهم ألا ينزلوا عنه بأي حال؛ ثم بدأت المعركة وكانت بوادر النصر تلوح لصالح المسلمين. فلما رأى المسلمون تقهقر المشركين أهمل الرماة وصية نبيهم لهم ونزلوا يجمعون الغنائم فانتهز خالد بن الوليد رضي الله عنه –وكان في جيش المشركين حينها- الفرصة فالتف خلفهم وأعمل الحرب فيهم مما أدى لقلب الموازين لصالح المشركين واستشهد من المسلمين أكثر من سبعين شهيدا ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالانسحاب ناحية الجبل ليتحصنوا به، فعجز المشركون عنهم ورجعوا.
2- أبو لؤلؤة المجوسي يتحين الفرصة لقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه (ذو الحجة 23هـ-644م) :
استمر أبو لؤلؤة المجوسي يتحين الفرصة لقتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله حتى لما كان اليوم الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة من العام 23هـ، وفي صلاة الفجر؛ لما دخل عمر في الصلاة وكبَّر طعنه أبو لؤلؤة ست طعنات في خاصرته وهرب بين الصفوف يطعن المصلين أمامه حتى قام عبدالرحمن بن عوف فألقى عليه برنسه فلما أيقن الخبيث أنه مقبوض طعن نفسه بسكينه، ومات من طعناته تلك ثلاثة عشر رجلا، بقي عمر بعدها ثلاثة أيام ثم توفي رضي الله عنه وأرضاه وصلى عليه صهيب ثم دفن بجانب أبي بكر في حجرة عائشة رضي الله عنها.
3- نور الدين زنكي يتحين فرصة تمكنه من السيطرة على حصن (شيزر):
ليتخلص من أولاد آل منقذ الكنانيين لمراسلتهم الإفرنج فيدخلها بعد أن أصابتها الزلزلة.
3- صلاح الدين الأيوبي (في مصر) يتحين الفرصة المواتية لتوحيد الجبهة الإسلامية :
بعد أن انفرط عقد الدولة النورية في الشام، ،ولم يطل انتظاره حيث جاءته دعوة من أمراء دمشق لتسلّمها، فهب إليها على الفور، واستقبله أهلها استقبالا حسنا، وتسلم المدينة وقلعتها في سنة (570هـ ، 1174م) .
وفي مقالنا التالي إن شاء الله نتحدث عن الجزء الثالث للاستعداد للفرص في الجانب الحياتي
وإلى لقاء في فرصة قادمة إن شاء الله
للتواصل bawazeer8269@gmail.com