هارون الرشيد ومنادمات الشعراء

هارون الرشيد ومنادمات الشعراء

  • الإثنين 29 أبريل 2024
  • 11:22 AM

 

الملتقى / عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون

حدث أبو العيناء عن الأصمعي أنه قال: انصرفت ليلة من دار الرشيد، وأنا أشكو علة، ثم غدوت إليه من الغد، فقال لي: يا أصمعي، كيف بِتّ...؟ 
فقلت: بليلة النابغة يا أمير المؤمنين.
فقال: إنا لله! هو والله قوله:
فبت كأني ساورتني ضئيلة
.                    من الرقش في أنيابها السم ناقع
فقلت: والله يا أمير المؤمنين ما أُخبرت خبره، وإنما أردت قوله:
كليني لهَمٍّ يا أميمة ناصب
.                    وليل أقاسيه بطيء الكواكب
فعجبت من ذكائه وفطنته.
ومن جميل المنادمات قال الأصمعي: دخلت على هارون الرشيد، وبين يديه جارية حسناء، عليها لمّة جعدة، وذؤابة تضرب الحقو منها، وهلال بين عينيها مكتوب عليه بالذهب: "هذا ما عمل في طراز الله". 
فقال: يا أصمعي، صفها. فأنشأت أقول:
كنانية الأطراف سعدية الحشا
.                    هلالية العينين طائية الفم
لها حكم لقمان وصورة يوسف
.                    ونغمة داود وعفة مريم
فقال: أحسنت والله يا أصمعي. فهل عرفت اسمها...؟
فقلت: لا يا أمير المؤمنين. 
فقال: اسمها دنيا. 
قال: فأطرقت ساعة ثم قلت:
إن دنيا هي التي
.                    تسحر العين سافره
ظلموها شطر اسمها
.                    فهي دنيا وآخره
قال الأصمعي: فأمر لي بعشرة آلاف درهم.
وفي بيان عداوة الدنيا قال هارون الرشيد: لو قيل للدنيا صِفي لنا نفسك، وكانت ممّن يَنْطق، ما وَصفت نفسها بأكثر من قول أبي نُواس:
إذا امتحن الدنيا لبيبٌ تكَشَّفت
.                    له عن عدوٍّ في ثِياب صديقِ
وما الناسُ إلا هالكٌ وابن هالكٍ
.                    وذو نسَبٍ في الهالكين عَريق

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي