الملتقى / شيخة سالم
أحيانًا تختنق العَبرة في الحلق، بسبب موقف مؤثر، أو ذكرى تلامس القلب.
قد تكون الذكرى حزينة، وقد تحمل بين طياتها فرحًا قديمًا، لكن المشاعر تستجيب لها، فتذيب جليد النسيان، وتستحضر وجعًا دفينًا… أو دفئًا غمر القلب ذات يوم.
فالذكريات ليست مجرد صور باهتة في زاوية العقل، بل هي حياة صغيرة تنبض في الخلفية، توقظ القلب كلما مرّ بها طيف، أو ترددت أصداؤها في لحظة سكون.
هي لحظات تمر وتبقى، تتشبث بالذاكرة، وتلوّن أيامنا بين أمل وحنين، بين ابتسامةٍ عابرة ودمعةٍ ساكنة في طرف العين.
كل ذكرى تحمل في طياتها درسًا، وصوتًا من الماضي يقول لنا: "لقد عشت… وها أنت الآن تنجو، وتكبر، وتتعلم."
لكننا كثيرًا ما نغرق في تفاصيل الذكرى، حتى نكاد ننسى أن الحياة لا تزال تنادينا، وأن الطريق لم ينتهِ، وأن قادم الأيام قد يحمل من الفرح ما يضاهي ما مضى… بل وربما أجمل.
قد تفتح الذكريات أبوابًا للحزن والأسى، وتجرّنا إلى مساحات لا نرغب في الرجوع إليها، لكنها في حقيقتها محطات، لا نهاية الطريق.
لذا، فلنأخذ منها العِبرة لا الغرق، الدفء لا الجمود، الحكمة لا الوجع.
ما زال في الحياة متسع،
ما زال في القلب قدرة على الحب، وفي العقل فسحة للتفاؤل، وفي الروح نبضٌ لا يزال حيًّا.
الحياة تمضي، نعم، لكنها تمنحنا دومًا فرصة أن نكون أفضل، وأن نصنع ذكريات جديدة نحتفل بها لاحقًا، كما نحتفي الآن بما مضى.
فلنُعِش كل لحظة بوعي، نُكرّم ماضينا دون أن نُرهق أرواحنا، ونبتسم لما سيأتي…
لأننا نستحق السعادة،
ولأن كل ما عشناه لم يكن عبثًا… بل تمهيدًا لحياةٍ لا تزال تستحق أن تُعاش.