بقلم / أمل منصور المسروريه
سلطنة عمان __ جعلان بني بو حسن
لو يعلمُ كُلُّ مخلوقٍ منا عظمةَ تعاقُبِ الليلِ والنهارِ ؛لخرَّ ساجدًا باكيًا لخالقِهِ ، كنتُ ولا زلتُ لمدةٍ لا تقلُّ عن أشهُرٍ أصِفُ مشاعري المؤقتةَ لمن يُصادفُني من البشرِ ، فأُعبِّرُ بعفويَّةٍ عمَّا يختَلِجُ جوفي من ترحٍ وفرحٍ ، لمْ أكُنْ أُبالي بمدى الوقتِ الذي أسلبُهُ بمَنْ يمنحُني ساعاته حينَ أشكو له ، وكأنَّهُ مُجبَرٌ للإنصاتِ لي وإبداءِ رأيهِ المؤقَّتِ لي ، والذي أَعُدُّهُ تعليقًا لا مفرَّ لي إلا أنْ استسلِمَ له ، فأجِدُ نفسي مُقيَّدةً بمتنٍ لهذا الإنسانِ العظيم ، لا أستطيعُ أن أُعارِضَ قولَهُ ولا أرجو اتِّزانَ مشاعري بعد توتُّرها إلا بأمرِهِ ، لمْ تكُنْ لي القدرةُ لمنعِ نفسي من الفضفضةِ لمن أوثقَ قيودَ مشاعري لحظةَ انشغاله ، وحين أعرضَ عني لحظةَ احتياجي له ، ارتسمت بذاكرتي فكرةً أنهُ تغيَّرَ علي ، وأصبحَ يفرُّ من مجالستي والاستماعِ إلي ، فأُردِّدُ حقًا إن البشرَ تغيروا علينا ، فما عادوا يتحملون شكوانا حينَ نتألمُ ، لم أعي بعدُ بمدى الثِّقلِ الذي يسببهُ شكواي وتذمري ، بل تمادى الوضعُ أنني أشكو لثانٍ وثالثٍ ، فأجمعُ الآراءَ المقترحةَ وألزمُ بالرأي الذي يُناسبُ هواي وشخصيتي التي تألفُ اللومَ على الظروفِ التي أجبرتني على ذلك ، غدوتُ أرجو المزيدَ من الآذانِ المُنصتة لكلِّ موقفٍ ينتابني ، فبلغتُ الذُّلَ لحالٍ يُرثى عليه ، ما هذا الهوانُ الذي أعيشه بين الأنامِ ، كُلٌّ منهم مُلتهٍ بحياته وهمومه ، المُؤسِفُ أن الهمومَ تنوعت لتصبحَ أكثر خصوصيةٍ من ذي قبل ، فتساءلتُ من ذا الذي سيكتم سري ؟ ويحفظُ غصَّاتٍ يعدُّها الشامتونَ أحاديثَ ليليةً يلوكونها بإتقان ، مضت الساعاتُ وأنا أبحث عن بابٍ يُقرعُ فأشكو له ، وحين خيَّم الليلُ اِلتحفْتُ الصمتَ المُطبقَ ، وارتجيت خالقي أن يبعث لي مخلوقا ألوذ به من همٍّ أعوذُ منه ، فحدث أنني أصبحت بهمٍّ آخرٍ وحكايةٍ أخرى ؛ لأن مسؤوليتي ازدادت ، فانجلت ليالٍ بلا آذانٍ تنصُتُ لي ، فتُخففُ عِبءَ ما أشعرُ به ، بدأت أُلملمُ أشلائي البائسة ، فأُداريها لوحدي ، فوجدت أنني قد داويتها بالصمتِ لساعاتٍ ، وتُرانا نتجاوزُ الأيامَ بلا فضفضةٍ لمخلوق، فأضحت آلامي تلتئم بالزمن ، فما أراهُ اليوم مؤلمًا لحدِّ النياحِ سيبرأُ غدًا بالتغافلِ عنه ، حقا إن تقلُّبَ الليلِ والنهار إعجازٌ ربانيٌّ في مداواةِ جروحنا بكتمها وتركها للزمن ، فآلامنا ستكونُ ذكرى عابرةً إن تركناها وشأنها بِلا شكوى ، وسنغدو صامدين بعزةٍ بلا احتياجٍ بشري .