الملتقى / شوقي بن سالم باوزير
البيتان من أبيات الحكمة المشهورة والمختلف في نسبتها لصاحبها؛ فقد نسبا للإمام الشافعي رحمه الله في ديوانه المنسوب إليه (77). وعزاهما صاحب "غرز الخصائص" (303) لأبي الفرج ابن هند. وفي "محاضرات الأدباء" (1/221) دون عزو).
الحياة .. فرص.. وفرصتك الآن هي الحياة
أنماط الناس في التعامل مع الفرص المتعلقة بالآخرين
تحدثنا في المقال السابق عن أنماط الناس في التعامل مع الفرص المتعلقة بأنفسهم واليوم نتحدث عن أنماط الناس في التعامل مع الفرص المتعلقة بالآخرين وهم أربعة أنماط:
الجزء الأول :
النمط الأول: متيحو الفرص للآخرين
إتاحة الفرص معناها تهيئة الفرصة وتيسيرها وجعلها في متناول يد الإنسان؛ والدال على الخير كفاعله. وهنا يأتي دور النخبة من العلماء والمربين ورجال الأعمال ونحوهم في تهيئة الفرص لمن هم في حاجتها، ويأتي في معناها السماح وفتح الأبواب وتذليل الصعاب أمام المحتاجين لها.
جاء في (الموسوعة التاريخية – موقع الدرر السنية): أنّ القائد العسكري مركيز مندخار طلب من فيليب الثاني ملك اسبانيا إتاحة الفرصة للثوار الموريسكوس (الأندلسيين) في البشرات للتفاوض معهم عام 1069هـ (1658م) لما شن الثوار هجوماً مباغتاً على مدينة غرناطة فيما كانت حاميتها تستعد للاحتفال بعيد الميلاد.
وتمكن الثوار بقيادة فراس بن فراس من التوغل في المدينة والاشتباك مع جنود مركيز مندخار إلا أنهم لم يتمكنوا من أخذ المدينة فانسحبوا وعادوا إلى البشرات بعد إيقاع خسائر كبيرة بجنود الحامية.
وحيال هذا التطور أصدر فيليب الثاني أوامره إلى مركيز مندخار بإخماد ثورة البشرات فقاد جيشاً من حوالي أربعة آلاف جندي للقضاء عليهم، إلا أنه لم يشتبك معهم، وبدأ بدلاً من ذلك مفاوضات لوقف الثورة آخذاً على عاتقه محاولة إقناع الملك فيليب الثاني برفع الضغوط عن الأندلسيين.
وأوقف الأندلسيون العمليات العسكرية فيما بدأ المركيز اتصالاته لإقناع الملك بإتاحة الفرصة للثوار إلا أن فيليب رفض الفكرة وأمر المركيز بقمع الثورة وضرب زعمائها ليكونوا عبرة لغيرهم ليس فقط في الجنوب وإنما في ممالكه الأخرى قاطبة.
وفي هذه الأثناء أقدم بعض جنود المركيز على مذبحة في مدينة جبيل Jubiles راح ضحيتها عدد من الأندلسيين، وفقد المركيز السيطرة على جنوده فأخذ هؤلاء يمارسون أعمال القتل بلا حساب فتحرّك الأندلسيون بسرعة وبسطوا سيطرتهم على البشرات.
النمط الثاني: مفوتو الفرص على الآخرين
وفي مقابل متيحو الفرص نجد نمطا آخر وهم مفوتو الفرص على الآخرين. إنّ تفويت الفرص على الغير هو عمل ذو حدين؛ فيمكن أن يكون سلبيا يستخدمه المرء إما حسدا أو ضغينة ونحو ذلك. أو يكون إيجابيا كمن كان في حالة حرب مع عدوه أو حماية لنفسه فتكون خطوة استباقية تحرزية؛ كما في قصة عبدالرحمن الناصر (الموسوعة التاريخية – موقع الدرر السنية ) حينما أمر بتعبئة العساكر عام 308هـ لتفويت الفرصة على الأعداء؛ فحينما ارتحل الأمير عبدالرحمن الناصر من مدينة قلونية يوم السبت لخمس بقين من صفر (25 صفر 308ه) إلى ثغر تطيلة، لنجدة المسلمين به، إذ كان العلج شانجه قد ضايقهم، فاحتل عبدالرحمن الناصر ثغر تطيلة؛ ثم رحل بالجيوش يوم الأحد لأربع خلون من ربيع الأول (4 ربيع الأول 308ه) إلى دي شره، فخرج العلج من حصن أرنيط في جموعه لمقدمة العسكر؛ لكن العلج انهزم وجموعه حتى تواروا في الجبال، فتلقوا الناصر، واضطرب العسكر بهذا الموضع، وبات المسلمون ظاهرين على عدوهم، ومنبسطين في قراهم ومزارعهم. ثم وورد الخبر على الناصر باجتماع العلجين أرذون وشانجه، واستمداد بعضهما ببعض، طامعين في اعتراض الجيش، أو انتهاز فرصة في الساقة. فأمر الناصر بتعبئة العساكر؛ لتفويت الفرصة على الأعداء ثم نهض بها موغلا في بلاد العلوج. ثم تبادر الناس إلى محاربة الكفرة حتى انهزم المشركون، والمسلمون على آثارهم.
للتواصل BAWAZEER8269@GMAIL.COM
إلى اللقاء في فرصة قادمة إن شاء الله