الفؤاد وعلاقته بالعقل والقلب 

الفؤاد وعلاقته بالعقل والقلب 

  • السبت 04 نوفمبر 2024
  • 03:41 PM

 

 

بقلم / عائشه الشيخ 

 

ذُكر الفؤاد في القرآن أكثر من ١٦مره بصيغ مختلفه في حين إنه تم ذكر كلمة قلب ١٢٣ مره، فمن المؤكد ان له وضيفة مختلفه ولكنها اقل من وضيفة القلب والصدر. 

فالفاظ القرآن شديدة الدقة فإذا تم ذكر كلمة فؤاد بدلامن القلب في إحدى الأيات فهذا دليل على أن مقصد الأيه ومعناها مختلف عن القلب وعند البحث علمياً لم يوجد له وجود، أما عند المفسرين فلم يكن هناك أي إتفاق بين العلماء على وظيفته. 

حيث أختلف العلماء كثيرآ في معرفة نتيجة التداخل الشديد بينه وبين القلب، فالبعض فسره على أنه الدماغ والبعض الآخر فسره على أنه المكان الذي يوضع به القلب واخرون رجحوا أنه الغشاء الذي يحيط بالقلب فايهما الأقرب للصواب؟.

بالبحث والتدبر في معنى كلمة فؤاد نجد أن اصل الكلمة فأد والذي يدل على شدة الحرارة ومنه قولك فأد اللحم أي شوي، والشوي هو مرحلة تصيب الطبقة الخارجية للشواء أما الداخل فلا يتأثر. 

وذكر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أن التلبينة تجم الفؤاد ولم يقل تشفي الفؤاد وهذا يدل على أن هذا المكان به مشاعر كاالقلب.

وفي الحديث المروي عن النبي محمد أنه قال (أتاكم أهل اليمن فهم أرق افئده والين قلوباً، فكلمة أرق وضعت هنا ولها معنى ومقصد، فهي تعني الشيء الشفاف الذي له سُمك رقيق، أما ألين فتعني الشيء ألذي له سُمك ويسهل عليه التشكُل والتقلب كا الماء. 

اذا يمكن القول بأن الفؤاد هو القشرة الخارجية للقلب واستبعاد أن الفؤاد هو العقل، فالقلب يحتوي على خلايا عصبيه أكبر من خلايا الدماغ فمن المؤكد أن يكون لكل جزء به وضيفة مختلفه كا الدماغ .

ماهية وضيفة الفؤاد؟ولماذا يوجد حول القلب؟،
قال تعالى (قل هو الذي انشاكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ماتشكرون )، الآية ترمي إلى أن مصادر التعلم هي تلك المذكوره في الاية وهي السمع والأبصار والأفئدة، فنحن نتلقى وندرك المعلومات عن طريق آلة الأذن وآلة العين، أما السمع والبصر فأدراكهم يحتاج للقلب وبالذات الفؤاد موضع نور المعرفة وموضع الخواطر. 

قال تعالى(أن السمع و البصر والفؤاد كل أُولئك كان عنه مسؤلا )، هذه الصيغة تجعل الفؤاد مسئول ثالث عن تجميع المعلومات، إذاً فالفؤاد به مركز الإدراك عن طريق تجميع المعلومات السطحية من البصر والسمع ثم يقوم بتجميع ماتم أدركه للعقل والقلب. 

و يعتبر الجزء المتوقد حول القلب و به تتكون مشاعر الحراره الشديده ولكنها مشاعر لا ترتبط بالايمان والبصيرة فهي غريزة كمشاعر الأمومة كما تحتوي بعض المشاعر الشهوانية وحب الضلال والفساد. 

والفؤاد يتأثر بما يسمع ويبصر لذلك يتفاعل مع قصص السابقين ويتاثر بهم، قال تعالى(وكل نقص عليك من أنباء الرسل مانثبت به فؤادك )، فإذا كان القلب هو الفؤاد  لكان معنى الآية أن قلب النبي عليه السلام لم يملاءه الإيمان بعد، وإذ كان الفؤاد هو العقل لكان معنى الآية أن عقل النبي لم يملاءه الاقتناع التام بالرساله وتمييز ماتم انزله بالوحي وهذا غير صحيح. 

لكن الآية تعني أن النبي كان ما يشغله كثيرا من مايسمع ويبصر من مشركي قريش فكانوا يؤذونه بقولهم وتصرفاتهم وتكذيبهم أيضا لكن نصره الله عز وجل عليهم.

لذا يمكننا القول أن الفؤاد هو حلقة الوصل بين القلب والعقل كا الجسر الذي يمدكلاً من القلب والعقل بنور المعرفة إذ له وعي بما نسمع ومانبصر فيدرك المعلومات ثم يرسلها اليهما والفكره تضل تتحرك بينهما وتنجرف لمن هو أكثر سيطره، فإذا كان القلب مسيطر يثبت الجوارح، أما إذا كان الدماغ أكثر سيطره للتحليل والمنطق تنحرف الفكرة للدماغ فيعطي أمر بالتحرك وهكذا. 

قال تعالى(وأصبح فؤاد ام موسى فارغٍ أن كادت لِتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين )، فهذه الآية من أكثر الايات التي توضح أن وضيفة القلب والفؤاد مختلفه تمامآ. 

فعندما جاء الوحي لأم موسى بأنه سينجوا عن طريق ألقائه في اليم ذهبت للتنفيذ لأن الوحي يجعل الفكرة غير قابلة للطعن بها، فقامت بألقائه في اليم ولكن فؤدها أصبح فارغاً بعدها من كل شيء لاتفكر في غيرولدها لشدة حرصها عليه فكيف سينجوا بعد ألقائه في اليم؟.

وعندما حصل عليه جنود فرعون زاد قلقها،فهل سيؤذيه الجنود؟، لذا كادت أن تتحرك وتقول أنه ولدها  وتذهب لجلبه لولا أن ثبتها الله بالربط على قلبها فقذف في قلبها الإيمان في قوله تعالى(أنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين )، فتكرر بقلبها ذكر هذه الكلمات بان الله لن يضيعها وسيرجعه إليها، فاطمئن قلبها لهذا الإيمان فثبتت ولم تتحرك، لذا فالقلب هو من ثبت الفؤاد والعقل فلم تاخذ ردة فعل مخالف له كما يدل ذلك على أن الفؤاد هو من يعطي الدفع للتحرّك.

قال تعالى(فأجعل افئده من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون )، هذا كان دعاء إبراهيم عليه السلام عندما ترك السيدة هاجر مع ولدها إسماعيل بمكة وانصرف، فلماذا دعى بان تهوي افئده وليس قلوب؟
هو يريد قوة تدفع ألناس للمجيء إلى المكان، فقد يحب شخص شيء ولا يتحرّك اليه، لكن الفؤاد يجعل الشخص يتحرك ويعطيه قوة دفع من أجل الشيء ويسرع اليه .

أن الأفكار والخواطر التي تنشأ بالفؤاد لاتعتمد على البصيرة فهو يقيس على المعلومات التي يتلقاها من السمع والبصر على عكس القلب ألذي يفقه ويرى ماخلف الأشياء السطحية وهذا مايجعل الشخص قد يرى أحدث حقيقية ولايصدقها قال تعالى(ماكذب الفؤاد ما راى)، فعندما يرى شخص ما حدث مفاجيء لم يكن متوقع قديكذب ماسمع وبصر وهذا ماحدث للمسلمين وقت وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام من حالة الذهول وفقدان الشعور والاهتزاز النفسي. 

فالفؤاد إذا لم يثبت بالقلب فلن يعرف الحق من الباطل والحقيقه من الخيال وهذا ماحدث لفرعون عند عبوره لليم ليلحق بموسى عليه السلام، فالخلاصة من هذا كله أن الفؤاد هو غشاء قد يصبح رقيقا فينير القلب بنور المعرفة ويسهل تثبيته بالقلب فيزاد قوة، أو انه يفقد رقته فيصبح أكثر سُمكاً كا الحجارة لعدم تثبيت القلب له وسيطرة اهواء العقل والنفس عليه كما حدث مع فرعون مما يجعل على الأبصار والسمع غشاوة فيصعب عليه فهم ما يدور حوله من حق وباطل. 

فقد يكون هذا الفؤاد هو الإكنة التي تغطي القلب فلا يرى قال تعالى(وجعلنا على قلوبهم اكنة أن يفقهوه وفي اذانهم وقرأ )، فنتيجة لأمراض قلوبهم أصبح الفؤاد كا الغشاء السميك ألذي لا يجعل نور المعرفة يدخل القلب فلا يتحرّك الا لأهوائه فقط، فما عليك الأ البدء لإصلاح قلبك حتى يرق فؤادك ويلين قلبك فتسكن جوارحك وتصل للفلاح في الدنيا والاخره.

 

 

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي