الملتقى / عائشه الشيخ
الانحياز هو الميل اللاواعي (أو الواعي أحيانًا) نحو فكرة أو رأي أو جهة معينة دون أن يكون هذا الميل قائمًا بالضرورة على المنطق أو الأدلة الموضوعية.
هو نوع من التحيّز الذهني أو العاطفي اللي يخلي الشخص يتصرف أو يحكم بطريقة غير محايدة.
كيف يبدأ الانحياز؟
الإنسان ما يولد منحاز، لكنه يتكوّن عبر:
التنشئة الأولى:
الأسرة، القبيلة، المذهب، الدين، اللغة... كلها تبني تصورات مبكرة في عقل الإنسان.
الخبرات والتجارب الشخصية:
الألم، الظلم، الفقد، أو حتى الفخر والاعتزاز الزائد... كلها ترسبات تبني جدارًا داخليًا ضد أو مع شيء معين.
البيئة الثقافية والإعلامية:
ما نسمعه ونشاهده باستمرار يصنع تصوّرات قد تكون غير واقعية لكننا نعتبرها "حقائق".
الحاجة للانتماء:
الإنسان يحتاج يحس إنه ينتمي، فينحاز تلقائيًا لمجموعته (القبيلة، الطائفة، الوطن، أو حتى فريق كورة!).
الخوف من التهديد أو التغيير:
أي فكرة جديدة ممكن تهز المعتقدات القديمة تخلي الإنسان يهاجمها بدل ما يفكر فيها.
هل يؤثر الانحياز على الحياة اليومية؟
نعم، وبشكل عميق جدًا:
في العلاقات: الشخص المنحاز ما يسمع الآخر، فينتهي به المطاف وحيد أو دائمًا في صراعات.
في العمل: الانحياز يمنع التعلّم من الآخرين أو تقبّل النقد.
في اتخاذ القرارات: يحكم بناءً على مشاعر أو موروثات، وليس على معطيات واضحة.
في تربية الأبناء: يورّثهم أفكار مغلقة بدلاً من فتح آفاقهم.
في الحياة الروحية أو الدينية: يتحول الدين من وسيلة للهداية إلى وسيلة للتمييز أو التفوق أو السيطرة.
ما هي الطريقة السليمة للانحياز؟
الانحياز بحد ذاته مو دايم شيء سلبي، لكنه يحتاج "وعي" و"توازن".
وهذي خطوات تساعدك:
1. اعرف نفسك:
اسأل: لماذا أحب هذا الشيء؟ ليه أرفض ذاك؟ وش أصل هذه الفكرة؟ هل هي حقيقتي أو مجرد موروث؟
2. مارس الشك الإيجابي:
لا ترفض معتقداتك، لكن اسأل عنها. أعطها فرصة تُختبر. هل تصمد تحت ضوء المعرفة؟
3. استمع بصدق للآخر:
مو بس تنتظر دورك بالكلام، لا، اسمع لتفهم، مو لترد.
4. أعد تعريف "الولاء":
الولاء الحقيقي مو في رفض الآخر، بل في تطوير الذات والمجموعة بطريقة ما تعتدي على غيرك.
5. افصل الفكرة عن الشخص:
لا ترفض إنسان لأنه مختلف، ولا تقبل فكرته لأنه قريب. فكّر، ثم قرر.
6. مارس التواضع المعرفي:
قل: "ما أدري" إذا ما تدري. مو عيب، بل قوة.
ختامًا:
الانحياز سلوك بشري طبيعي، لكنه يتحول لمشكلة لما يصير حاجز للتطوّر أو أداة للسيطرة.
إذا قدرت تراقب أفكارك وتفصل بين "ما تظنه صح" و"ما هو فعلاً صح"، فإنت على أول طريق الوعي.