خبز الحياة

خبز الحياة

  • الثلاثاء 02 نوفمبر 2025
  • 09:47 AM

 

الملتقى /: رياض العوام 

كان الشاب مساعد يمشي في أحد شوارع المدينة وقت العصر، والشمس تلقي بظلالها الطويلة على الأرصفة. وبينما يتأمل المارة وحركة الحياة، توقفت عيناه عند رجلٍ مسنٍّ ينحني قرب حاوية القمامة، يجمع قطع الخبز المتناثرة حولها بعناية تشبه حرص الأم على طفلها.

شعر مساعد بوخزة في قلبه، واقترب منه بخطوات هادئة، ثم أخرج مبلغًا من المال وقال بلطف:

— “يا عم… خذ هذا المال، لعلّه يعينك اليوم.”

رفع الرجل رأسه، وظهرت في عينيه نظرة كريمة تحمل وقار السنين. ثم هزّ يده بلطف رافضًا المال وقال:

— “لا يا بني… لا حاجة لي به. أنا لست أجمع الخبز لحاجتي الخاصة، بل لأني أخاف أن تُهان نعمة الله بهذا الشكل. هذا الخبز رزق، والرزق لا يُرمى. نحفظه لأهل الحلال… قبل أن تبتلعه القمامة.”

توقف مساعد مذهولًا من هذا الوعي العظيم، ومن ذلك القلب الذي رغم فقره الظاهر يفيض غنىً واحترامًا للنعمة. جلس بجواره لحظة قصيرة، يستمع إلى كلامه الهادئ العميق عن النعمة، والشكر، وحفظ رزق الله.

نهض مساعد بعدها، لكنه مضى وهو يشعر أنّ الرجل لم يأخذ منه مالًا… بل أعطاه درسًا لا يُنسى.
فهم أن القوة ليست في الامتلاك، بل في حفظ ما وهب الله.
وأن الغنى ليس في الجيب… بل في القلب الذي لا يهدر نعمة.

ومن ذلك اليوم، صار مساعد يرى الخبز… وكل نعمة صغيرة كانت أو كبيرة… بعين جديدة، عينٍ تتذكر دائمًا ذلك الرجل المسن الذي جمع الخبز ليحفظ النعمة، وعلّم شابًا درسًا أغلى من المال نفسه

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي