الملتقى / شوقي سالم باوزير
إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها * فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة ٍ سُكُوْنُ
ولا تغفلْ عنِ الإحْسانِ فيها * فلا تدري السُّكونُ متى يكونُ
(البيتان من أبيات الحكمة المشهورة والمختلف في نسبتها لصاحبها؛ فقد نسبا للإمام الشافعي رحمه الله في ديوانه المنسوب إليه (77). وعزاهما صاحب "غرز الخصائص" (303) لأبي الفرج ابن هند. وفي "محاضرات الأدباء" (1/221) دون عزو).
من صناديق الفرص: شهر رمضان المبارك
وصف الله شهر رمضان في كتابه الكريم فقال جل وعلا : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}[البقرة:185]
وقال تعالى عن أيام شهر رمضان: "أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ" (البقرة: 184)، نعم إنها أيام معدودات لكنها مليئة بالفرص..
ما أشبه فرصة رمضان بفرصة العمر كله! سوى أن من فاتته فرصة رمضان وكان له في العمر بقية باستطاعته أن يتدارك التقصير ويجبر التفريط في رمضان آخر إن بلغه الله إياه, أما من فاتته فرصة العمر فما عساه أن يفعل؟ قال الله تعالى مخبراً عن أولئك المغبونين في أعمارهم: "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون:99، 100).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ» رواه الترمذي, أبواب الدعوات, باب منه, (3534), وصححه الألباني في "المشكاة" (927).
ورمضان جزء من فرصة العمر؛ فالحياة أوسع من رمضان, فإذا كان من خسر رمضان رغم أنفه, فماذا يقال فيمن خسر عمره؟! قال الله تعالى: "إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ" (الشورى: 45).
رمضان صندوق فرص التربية والتعليم:
دعونا نعدد هذه الفرص فمنها:
• رمضان فرصة للتربية على المنهج الصحيح في تلقي العلم والفتوى؛ كالحرص على الدليل الصحيح، وسؤال أهل العلم، وعدم تتبع الرخص.
• رمضان فرصة لتربية الناس على التسليم لأمر الله الشرعي, وأنه لا اعتراض على نصوص الشرع.
• رمضان فرصة لتربية النفس على الإخلاص؛ فالصيام عبادة خفية ، والتقوي فيه هي تقوى الوازع الداخلي.
• رمضان فرصة لتربية الإرادة وتقويتها متمثلة في الصبر على الجوع والعطش والشهوة.
• رمضان فرصة لتعليم الناس يسر الشريعة؛ من ذلك النهي عن الوصال ، وتحريم صيام يوم العيد...
• رمضان فرصة لتعليم الناس عظمة هذه الشريعة, وأنها صالحة لكل زمان ومكان؛ وذلك بتوضيح استيعابها لجميع المستجدات في أحكام الصيام؛ كغسيل الكلى والبَّنْج, والسفر بالطائرة, ونقل الدم ...إلخ.
• رمضان فرصة لترغيب الناس في المستحبات وتعليمهم أحكامها؛ كفضل صلاة التراويح، وكثرة قراءة القرآن، والزكاة، والاعتكاف...إلخ.
• رمضان فرصة لتنبيه الناس على بعض الأحاديث الضعيفة المنتشرة مثل: (نوم الصائم عبادة), ( صوموا تصحوا), (الصوم معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر) ...إلخ.
• رمضان فرصة لتعليم الناس الاهتمام بالسنة؛ مثل تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور، والإفطار على رطبات، وتفطير الصائمين، ....إلخ.
• رمضان فرصة لتعليم الناس أن لا يمنعهم الحياء من التفقه في الدين وسؤال أهل العلم؛ مثل السؤال عن مسائل الحيض،...إلخ.
• رمضان فرصة لإيصال الموعظة للمرأة التي قد لا تصلها إلا في رمضان, وذلك من خلال حضورها لصلاة التراويح...إلخ.
• رمضان فرصة لتربية الأولاد على الطاعة من خلال تدريب مَن يطيق مِن الصبيان على الصيام.
• رمضان فرصة للاهتمام بالجاليات, وذلك من خلال مشاريع تفطير الصائمين ونحوها
ماذا لديكم بعد من فرص في رمضان.. بلغنا الله وإياكم رمضان؟
للتواصل BAWAZEER8269@GMAIL.COM
إلى اللقاء في فرصة قادمة إن شاء الله