لفرص في الحياة (10 من 40)

لفرص في الحياة (10 من 40)

  • الإثنين 23 سبتمبر 2025
  • 12:17 PM

 

الملتقى / شوقي سالم باوزير


إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها * فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة ٍ سُكُوْنُ
ولا تغفلْ عنِ الإحْسانِ فيها * فلا تدري السُّكونُ متى يكونُ
(البيتان من أبيات الحكمة المشهورة والمختلف في نسبتها لصاحبها؛  فقد نسبا للإمام الشافعي رحمه الله في ديوانه المنسوب إليه (77). وعزاهما صاحب "غرز الخصائص" (303) لأبي الفرج ابن هند. وفي "محاضرات الأدباء" (1/221) دون عزو).

 الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في انتهاز الفرص (الجزء الثاني) :

(4) حادثة المرأة في السبي وطفلها (فرصة لتأصيل شدة رحمة الله بالنفوس) :
استغل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحادثة كفرصة لإيضاح الصورة وتأكيدها في قلوب الصحابة رضي الله عنهم؛ فلا أحد منهم ينكر سعة رحمة الله عز وجل وأنه أرحم من الوالدة بولدها , لكن بضرب المثال تترسخ المعاني؛  جاء في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب¢ قال:" قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قُلْنَا: لاَ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» البخاري, كتاب الأدب, باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته. (5999).مسلم, كتاب التوبة, باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه (2754).

(5) قصة شاتين تنتطحان  (فرصة  لبيان عدل الله وعلمه الواسع وقضائه بين العباد يوم القيامة):
هذا المثال كسابقه يستغل فيه النبي الفرصة لضرب المثال وترسيخ المعتقد في عدل الله عز وجل؛ عن أبي ذر¢: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى شاتين تنتطحان، فقال: "يا أبا ذر، هل تدري فيم تنتطحان؟ " قال: لا، قال: "لكن الله يدري، وسيقضي بينهما" صححه الألباني في "الصحيحة" (1588).

(6) حادثة كسوف الشمس (فرصة  لتصحيح مفهوم عقدي) :
وهنا لا يؤجل النبي البيان للحق رغم حزنه صلى الله عليه وسلم على ولده , بل يبادر بتصحيح الخطأ فورًا؛ فعن عائشة أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : " كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَأَطَالَ القِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَطَالَ القِرَاءَةَ وَهِيَ دُونَ قِرَاءَتِهِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ، فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ» البخاري, كتاب الجمعة, باب لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته, (1058).مسلم كتاب الكسوف, باب ذكر النداء بصلاة الكسوف الصلاة الجامعة (915).

(7) قصة الجدي الأَسَكِّ (فرصة لبيان قيمة الدنيا عند الله) :
وهنا أيضًا يبادر النبي صلى الله عليه وسلم باستغلال النموذج والمثال لترسيخ المعنى كما سبق؛ فعن جابر بن عبد اللهƒ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِالسُّوقِ، دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟» فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟» قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: «فَوَاللهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ» مسلم, كتاب الزهد والرقائق, (2957).

(8) الجنازة (فرصة لتعليم الناس ما يجري في القبر):
حيث كان رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في جنازة فاغتنم الفرصة ليحدثهم عما يجري للإنسان بعد موته؛ فعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ, فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ, فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُؤوسِنَا الطَّيْرَ, وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ, فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:" اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ "مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا, ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ, مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ ..." الحديث رواه أحمد (30/499) (18534), وصححه الألباني في "المشكاة" (1630).

إلى اللقاء في فرصة قادمة إن شاء الله
للتواصل BAWAZEER8269@GMAIL.COM

 

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي