مواجهة تغير المناخ: تحويل التحديات إلى الفرص وبناء مستقبل أخضر معا

مواجهة تغير المناخ: تحويل التحديات إلى الفرص وبناء مستقبل أخضر معا

  • الأحد 28 ديسمبر 2024
  • 07:55 AM

 

 

الملتقى بقلم / تيان جيانينغ

 

أشار “تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2023” في 20 نوفمبر الماضي، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أنه من المتوقع أن يكون عام 2023 هو العام الأكثر سخونة في تاريخ البشرية، وأن العالم كله يشهد “تسارعا مثيرا للقلق في عدد وسرعة وحجم الأرقام القياسية المناخية المكسورة”. في هذا السياق، يأمل العديد من الناس أن تعمل الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ(COP28)، والتي عقدت في دبي في الإمارات العربية المتحدة، على كبح ظاهرة الانحباس الحراري العالمي.

ومن المشجع أن المؤتمر تبنى في يومه الأول قرار تنفيذ إنشاء صندوق “الخسائر والأضرار” المناخية للتعويض على الدول الأكثر تضررًا من تغيّر المناخ، في خطوة إيجابية في اتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب.

تعد الصين ودول الشرق الأوسط من المدافعين النشيطين عن مكافحة تغير المناخ. واسترشادا بأهداف خفض انبعاثات الكربون العالمية، استجابت الصين ومعظم دول الشرق الأوسط بنشاط لهدف “صافي انبعاثات عالمية صفرية في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين” واقترحت على التوالي جداول زمنية وخارطات طريق محايدة للكربون. فقد وضعت الصين هدف “الكربون المزدوج” المتمثل في بلوغ ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وصاغت إطار سياسات “1+N” من أجل تحقيق هذا الهدف. واقترحت دولة الإمارات تحقيق “الحياد الكربوني” بحلول عام 2050، كما اقترحت المملكة العربية السعودية وعمان والبحرين ودول أخرى تحقيق “الحياد الكربوني” بحلول عام 2060.

تعد الصين ودول الشرق الأوسط من الأطراف الفاعلة في دفع الحوكمة العالمية للمناخ. شرعت التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين على مسار التحول الأخضر الشامل، حيث تحتل قدرتها الإجمالية الثابتة من الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية المرتبة الأولى على مستوى العالم، وهي مورد رئيسي لمعدات طاقة الرياح الكهروضوئية وبطاريات الطاقة، مما عززت تخفيضا كبيرا في تكلفة نشر الطاقة المتجددة على مستوى العالم، لمساعدة البلدان النامية في الحصول على طاقة نظيفة ومستقرة بأسعار معقولة. ويظهر تقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) أنه وفقا لخطط تحول الطاقة الحالية التي أعلنتها دول الشرق الأوسط، بحلول عام 2030، فإن إجمالي قدرة توليد الطاقة من الطاقة المتجددة (باستثناء الطاقة الكهرومائية) في الشرق الأوسط ستتجاوز 192 جيجاوات، أي 17 ضعفا للمستوى الحالي، ومن بينها سيشكل توليد الطاقة الشمسية أكثر من 42%، وطاقة الرياح حوالي 35%. إن التطور السريع للطاقة المتجددة والطاقة النظيفة لن يساعد دول الشرق الأوسط على تعزيز تحول الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون فحسب، بل سيضع أيضا أساسا جيدا للتنمية المستدامة الإقليمية.

 

وفي الوقت الحالي، أصبحت مشاريع الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة التي أنشأتها الشركات الصينية جزءا من شبكات الطاقة في دول الخليج وممر الطاقة في شمال إفريقيا. على سبيل المثال، يتمتع مشروع محطة الظفرة للطاقة الشمسية PV2 في دولة الإمارات العربية المتحدة، بقدرة مركبة تبلغ 2.1 جيجاوات، والتي تعد أكبر محطة طاقة كهروضوئية منفردة في العالم بعد اكتماله في نوفمبر 2022. ويعد مشروع محطة الشعيبة السعودية لتوليد الطاقة الكهروضوئية بقدرة 2.6 جيجاوات أكبر مشروع منفرد لمحطة الطاقة الكهروضوئية قيد الإنشاء في غرب آسيا وشمال إفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت دول شمال إفريقيا مثل الجزائر والمغرب أيضا شركاء مهمين للصين. وتظهر بيانات PV Infolink أنه في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023، استورد سوق الشرق الأوسط ما مجموعه 10.3 جيجاوات من الوحدات الكهروضوئية الصينية، بزيادة سنوية قدرها 58٪، وشكلت السوق السعودية 50.49٪ منها، بزيادة تزيد عن 4 أضعاف مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. إن مجتمع أمن الطاقة الذي يتألف من الصين ودول الشرق الأوسط بدأ يتشكل الآن.

تعد قضية معالجة تغير المناخ قضية مشتركة للبشرية جمعاء، مما توفر فرصة تاريخية للصين ودول الشرق الأوسط لمواصلة تعميق التعاون في مجال الطاقة الخضراء. في المستقبل، يمكن للجانبين تعزيز التعاون في أبحاث وتطوير تكنولوجيا الطاقة النظيفة، والعمل معا على دفع الابتكار، وتحسين كفاءة واستدامة الطاقة النظيفة، مما يقدم مسارات جديدة وتجارب عملية لحوكمة المناخ العالمية.

 

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي